دعامات الطريق الروحى - لنيافة الانبا موسى
أحبائى الشباب...
هناك ثلاث دعامات أساسية للحياة الروحية وهى:
1- الأب الروحى.
2- القانون الروحى.
3- الوسط الروحى.
1- الأب الروحى :
له وظيفة أساسية فى حياتى الروحية
فهو:
أ- القلب الذى استريح بين يديه :
حينما تضطرب نفسى، أو ينزعج قلبى، لخطيئة، أو حيرة، أو قلق، أو خوف.. أجد فى صدره المحب، الراحة والسكينة.. وهكذا تهدأ نفسى، ولا أكتم ما فيها من ألم أو ضيق، مشكلة خاصة أو عائلية أو عامة ، فى مجال الروح أو المادة أو العلاقات.
إن راحة النفس بين يدى أبيها الروحى، شفاء للنفس، بعد كشف أعماقها إرادياً، وبعد إعطاء روح الله فرصة العلاج والتطبيب.
ب- العقل المستنير الذى يعطينى الإرشاد :
فالروح القدس هو العامل فى سر التوبة، وفى فرصة الاعتراف... والكاهن يضع نفسه ونفس المعترف بين يدى روح الله... ليحصلا معاً على إرشاد الروح القدس فى كل مشكلة أو سؤال أو ظرف.
نعم...
من حقنا أن نختار الأب الروحى الذى نستريح إليه، ولكن يجب أن لا ننسى الدور الجوهرى لروح الله العامل فى السر، ولأمانة المعترف فى التوبة وفى طلب الإرشاد الروحى.
ج- الكاهن القانونى الذى يعطينى الحلِ :
فلقد أعطى الرب لرسله سلطان الحلِ والربط حين قال:
v "الحق أقول لكم كل ما تربطونه فى الأرض يكون مربوطاً فى السماء، وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً فى السماء" (مت 18:18).
v "أعطيك (يا بطرس) مفاتيح ملكوت السموات، فكل ما تربطه على الأرض، يكون مربوطاً فى السموات، وكل ما تحله على الأرض، يكون محلولاً فى السموات" (مت 19:16).
v "نفخ وقال لهم: اقبلوا الروح القدس، من غفرتم خطاياه تغفر له، ومن أمسكتم خطاياه أمسكت" (يو 22:20،23).
v هى وصية كتابية إذن...
v وهى سلطان روح الله...
v وهى سر الكهنوت المقدس...
2- القانون الروحى :
الإنسان - فى تكوينه الطبيعى - جسد يميل إلى الكسل، وربما إلى الخطأ، وروح تميل إلى القداسة والاتصال بالله... وفى هذا التناقض والحرب الدائرة بين
الروح والجسد، يحتاج الإنسان الروحى إلى قانون ملزم، يلزم الإنسان نفسه به، وارتياح، وثقة أن هذا الضبط للجسد يعطى انطلاقاً ونمواً للروح، أما
إذا ترك الإنسان نفسه "للمزاجية الروحية"، بمعنى أنه يصلى عندما يشعر بأنه لديه الاستعداد لذلك، ويقرأ الكتاب بدون نظام أو التزام ولكن كلما جاشت مشاعره بذلك ويعترف بدون فترات متقاربة، ويتناول كلما أحس بشوق إلى جسد الرب ودمه... الخ.. هذه "المزاجية الروحية" إذا تركنا أنفسنا لها فسوف تنهار روحياتنا، وبسرعة كبيرة، لذلك أوصانا الآباء أن يكون لكل منا قانونه الروحى، فى الصلاة والصوم والقراءات الكتابية والروحية، والاجتماعات الروحية، والتناول والاعتراف، والخدمة وغير ذلك، فهو بهذا يضبط جسده، ويطلق العنان لروحه، لتنطلق فى آفاق النمو الروحى.
كذلك فالكتاب المقدس نفسه يعطينا لمحة عن ذلك القانون، وعن أهمية الجهاد، فى ضبط مسيرة الروح:
v "أقمع جسدى واستعبده، حتى بعد ما كرزت للآخرين، لا أصير أنا نفسى مرفوضاً" (1كو 27:10).
v "كل من يجاهد يضبط نفسه فى كل شئ" (1كو 25:10).
v "متى اجتمعتم، كل واحد منكم له مزمور، له تعليم، له لسان، له إعلان، له ترجمة، فليكن كل شئ للبنيان" (1كو 26:14).
v "الله ليس إله تشويش بل إله سلام" (1كو 33:14).
v "ليكن كل شئ بلياقة وحسب ترتيب" (1كو 40:14).
v "مستأسرين كل فكر، إلى طاعة المسيح" (2كو 5:10).
v "الذين هم للمسيح، قد صلبوا الجسد، مع الأهواء والشهوات" (غل 24:5).
v "من يزرع لجسده، فمن الجسد يحصد فساداً، ومن يزرع للروح فمن الروح يحصد حياة أبدية" (غل 8:6).
v "مصلين بكل صلاة وطلبة، كل وقت، فى الروح، وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة.." (أف 18:6).
v "عظوا أنفسكم كل يوم، ما دام الوقت يدعى اليوم، لكى لا يقسى أحد منكم بغرور الخطيئة" (عب 13:3).
v "إن كان أحد يجاهد، لا يكلل إن لم يجاهد قانونياً" (2تى 5:2).
3- الوسط الروحى :
فالشخصية الإنسانية هى نتاج التفاعل بين مكونات الإنسان نفسه: الموروثة (كالغرائز والاحتياجات النفسية)، والمكتسبة (كالعواطف والعادات والاتجاهات)، وبين البيئة المحيطة به: البيت، والمدرسة، والجامعة، والشارع، ووسائل الإعلام، والقيم السائدة فى المجتمع.. الخ.
من هنا تكون الكنيسة من أهم الأوساط التى يجب أن تأخذ دورها فى تكوين شخصية الطفل والشاب، الكنيسة يجب أن تكون بيئة مقدسة، اجتماعية،
مفرحة، بناءة!! والاجتماع الناجح هو الذى يتحول إلى "مجتمع ناجح"..
أسرة متحابة.. أنشطة متنوعة ومستمرة، بحيث:
v تشغل وقت الشباب بما هو بناء.
v تشبع احتياجات الشباب الروحية والنفسية والفكرية.
v تبنى شخصية متكاملة للشباب، إذ تهتم بالجسد (بالرياضة والرعاية الصحية إن لزم)، والنفس (بالترويح فى الرحلات والحفلات..)، والذهن (بالقراءة والدراسة والأبحاث الدينية والثقافية)، والروح (بالصلاة، ودراسة كلمة الله، والتناول المستمر، والخدمة الحية)، والعلاقات (إذ يتعلم الشباب كيف يتعامل مع الآخر فى حب وحكمة، وفى مرونة قوية.
فلنحرص... أيها الشباب الحبيب والابنة المباركة.. على أن نتابع هذه الدعامات الثلاث فى حياتنا، وبخاصة ونحن نبدأ عاماً دراسياً جديداً...
والرب يهبكم النجاح فى كل شئ.