تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالكويت
مقدمة
إن التأريخ لإنشاء كنيسة، سواء أكان ذلك داخل مصرنا الغالية أو خارجها، ما هو إلا تسطير لإرادة الرب ومشيئته فى بناء بيعته على عُمد من إيمان أبنائه وغيرتهم عليها، لأنه « إن لم يبن الرب البيت فباطلاً يتعب البناؤون » (مز 127: 1)
ورحلة بناء كنيسة القديس العظيم مارمرقس للأقباط الأرثوذكس بدولة الكويت، والتى بدأت منذ عام 1959 فى عهد المتنيح القديس البابا كيرلس السادس، وما صاحبها من مشاعر محبة وود صادقين من صاحب السمو المرحوم الشيخ/ عبد الله السالم الصباح أمير دولة الكويت رحمه الله، وولى عهده الأمين وحكومته الرشيدة. تلك المشاعر التى تُرجمت إلى أفعال وقرارات وامتدت وتواصلت فى عهد كل حكام الكويت الكرام شاهدة على مؤازرة رب المجد للجهود الجبارة التى بذلها العديد من أبناء الكنيسة الغيورين حتى وصلت الكنيسة إلى ما هى عليه الآن.
وستظل الكنيسة تذكر تلك المشاعر وتلك الجهود داعية لهم بأن يكافئهم الله عن تعب محبتهم ببركة صلوات صاحب القداسة والغبطة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ، وبصلوات شريكه فى الخدمة الرسولية صاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا أنطونيوس مطران الكرسى الأورشليمى والشرق الأدنى.
تقديم
التأريخ (كتابة التاريخ) من الأمور النافعة ، لكى يعرف الإنسان ماضيه فيكون نوراً لحاضره ومرشداً لمستقبله ، وقديماً قال الشاعر :
ليس بإنســانٍ ولا عاقـــلٍ من لا يعي التاريخ في صدره
ومن درى أخبار من قبلـــه أضــــاف أعمـــاراً إلــى عمــره
وتاريخ الكنيسة في الكويت تاريخ مشرف من جهة المصريين والكويتيين أيضاً ، فمن جهة المصريين القادمين للعمل بالكويت ، لم تشغلهم الغربة ولا العمل عن عبادة ربهم فسعوا بجهدٍ واجتهاد لأن تكون لهم كنيسة يصلون فيها حسب معتقداتهم.
ومن جهة الكويتيين رحبوا بفكر مستنير وقلب متسع ، ففتح سمو أميرها الأسبق المرحوم الشيخ / عبدالله السالم الصباح رحمه الله قلبه قبل أرضه لبناء أول كنيسة لمصر خارج مصر ، إنها سماحة الكويت وكرمها المعهود.
وحين احتاجت الدولة الكنيسة القديمة لمرور طريق دائري في موضعها، كان لزاماً علينا أن نتعاون معها وفاءً وعرفاناً منا بتعاونها معنا، وها هي الكنيسة البديلة في ثوبها الجديد ..
نيافة الحبر الجليل / الأنبا أنطونيوس
مطران الكرسي الأورشليمي والشرق الأدنى
من هنا كانت البداية
«مَا أَحْلَى مَسَاكِنَكَ يَا رَبَّ الْجُنُودِ. تَشْتَاقُ بَلْ تَتُوقُ نَفْسِي إِلَى دِيَارِ الرَّبِّ. قَلْبِي وَلَحْمِي يَهْتِفَانِ بِالإِلَهِ الْحَيِّ. اَلْعُصْفُورُ أَيْضاً وَجَدَ بَيْتاً وَالسُّنُونَةُ عُشّاً لِنَفْسِهَا حَيْثُ تَضَعُ أَفْرَاخَهَا مَذَابِحَكَ يَا رَبَّ الْجُنُودِ مَلِكِي وَإِلَهِي. طُوبَى لِلسَّاكِنِينَ فِي بَيْتِكَ أَبَداً يُسَبِّحُونَكَ» (مز 84: 1 – 4)
ترجع جذور الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بدولة الكويت إلى الخمسينيات من القرن العشرين حين بدأت أعداد الأقباط الذين يفدون إلى العمل بالكويت تتزايد وشعروا بحاجتهم الماسة إلى ممارسة شعائرهم الدينية فى كنيسة قبطية أرثوذكسية ؛ حيث لم يكن في ذلك الوقت في الكويت سوى كنيستين إحداهما الكنيسة الكاثوليكية والأخرى الكنيسة الإنجيلية التى كانت تابعة فى ذلك الوقت للإرسالية الأمريكية بالكويت.
فى شهر أكتوبر من عام 1959 قابلت مجموعة من الأقباط العاملين بالكويت نيافة المتنيح الأنبا باسيليوس مطران الكرسي الأورشليمى وطلبوا من نيافته معاونتهم للشروع فى تأسيس كنيسة قبطية أرثوذكسية لخدمة أبنائها المقيمين بالكويت بإعتبارها تابعة لإيبارشية الكرسى الأورشليمى ، وقد وعد نيافته فى ذلك الوقت ببذل كل الجهود والإمكانات فى سبيل تحقيق ذلك وطلب منهم إيفاد مندوب عنهم لاستكمال بحث تفاصيل هذا المشروع المبارك. وبالفعل تم إيفــاد الأستاذ/ رمزى زكى إسكندر فى نهاية شهر ديسمبر من عام 1959 حاملاً إلتماساً من الأقباط المقيمين بالكويت رفعه المتنيح الأنبا باسيليوس إلى صاحب الغبطة والقداسة البابا كيرلس السادس لمباركة المشروع والإتصال بالمسؤولين بالكويت للحصول على موافقتهم والبدء في إتخاذ الإجراءات العملية اللازمة.
ومن شدة حماس الجالية القبطية المقيمة في الكويت لبناء كنيسة لهم، قاموا بإيفاد الأستاذ/ رمزى زكى مرة أخرى لمقابلة نيافة المتنيح الأنبا باسيليوس فحمل معه رسالة بتاريخ 9/3/1960 موجهة من الشعب القبطي إلى نيافته طالبين منه أن يذكر مشروعهم هذا في صلواته ومتمنين أن يروه قريباً بالكويت لتفقد شئونهم الروحية.
وعلى أثر ذلك وبتاريخ 17/3/1960 وجه قداسة البابا كيرلس السادس خطاباً إلى سمو الشيخ/ عبد الله السالم الصباح أمير دولة الكويت آنذاك يشكره فيه على ما يلقاه المسيحيون الأرثوذكس المقيمون بالكويت من رعايةٍ وعطفٍ غامر ويرجوه التصريح ببناء كنيسة أرثوذكسية بالكويت لتأدية الشعائر الدينية الخاصة بالأقباط الأرثوذكس، ويطلب منه - في حالة موافقته على ذلك - مساعدتهم مادياً في إتمام البناء مستنداً في ذلك إلى ما يتحلى به سمو الشيخ عبد الله السالم الصباح من سماحةٍ ونبل وكرم يشيد به القاصى والدانى. كما طلب قداسته من سمو الأمير الموافقة على إيفاد بعثةً خاصةً لمقابلته لتحمل له تمنيات قداسة البابا ودعواته.
وقد حمل الأستاذ/ رمزى زكى رسالة قداسة البابا كيرلس إلى سمو الشيخ/ عبد الله السالم الصباح وتوجه بها بمجرد وصوله إلى الكويت إلى قصر سموه وطلب مقابلة سكرتيره الخاص السيد/ محمد سليمان العتيبى، إلا أنه كان قد سافر إلى القاهرة، فقام بتقديم رسالة البابا إلى نجله السيد/ سليمان الذى كان يقوم بعمل والده، فطلب منه الحضور لمقابلة سمو الأمير رابع يوم عيد الفطر.
ولابد لنا ونحن نسجل تاريخ تأسيس الكنيسة القبطية بالكويت أن نذكر للأستاذ/ رمزى زكى حماسه وغيرته المقدسة لإتمام مشروع الكنيسة بالكويت حيث لم يَدَع فرصةً إلا واستخدمها في سبيل ذلك. فعلى أثر مقابلته للقائم بأعمال سكرتير سمو الأمير، قام بإرسال تقريراً بتاريخ 25/3/1960 إلى القمص مكاري السرياني ( نيافة المتنيح الأنبا صموئيل أسقف الخدمات) سكرتير قداسة البابا آنذاك يفيده فيه بتسليم رسالة قداسة البابا لمكتب سمو الأمير وبالموعد الذى تحدد له لمقابلة سموه ، ويطلب منه الاتصال ببيت الكويت بالقاهرة الذى يعلم مكان إقامة السيد/ محمد سليمان العتيبى سكرتير سمو أمير الكويت ومحاولة مقابلته شخصياً والتباحث معه لتسهيل المأمورية. كما طلب منه إرسال برقية إلى نجله الذى كان يقوم بعمله وقت سفر والده لإنهاء الموضوع مع سمو الأمير.
وبمجرد أن تسلم سمو الشيخ/ عبد الله السالم أمير دولة الكويت رسالة قداسة البابا كيرلس السادس أرسل لقداسته خطاباً بتاريخ 7/4/1960 يشكره على رسالته ويعبر عن سعادته بإقامة أبناء الكنيسة الأرثوذكسية بالكويت، وقيامهم بأعمالهم في جوٍ من الصداقةِ والأُخُوة التى تربط بين جميع أهالي الكويت وتساعد على إيجاد الظروف والأسباب لنشر شعور الإطمئنان والرضى بين الجميع ويبلغه بأنه سيأخذ رغبة قداسة البابا في بناء كنيسة بالكويت بعين الإعتبار وأن طلبه هذا سيكون موضع عنايته وسينظر فيه على ضوء الظروف الحالية وسيفيده بالنتيجة في الوقت المناسب.
ثم أرسل القمص مكارى السريانى سكرتير قداسة البابا خطاباً فى 25/4/1960 إلى السيد / محمد العتيبى سكرتير سمو الأمير يبعث فيه بتحيات قداسة البابا إلى سمو الأمير ويشكره على الروح الطيبة التى لمسها في رد سموه على خطاب قداسة البابا ويعرب عن موافقة قداسته على الإنتظار حتى تتم دراسة موضوع تأسيس الكنيسة ورجاه في الوقت نفسه أن يسمح بتدبير سكن داخل مدينة الكويت لاستعماله بمثابة كنيسة أرثوذكسية بصورةٍ مؤقتة، وأن يسمح بإيفاد كاهن لإقامة الخدمة الدينية إلى أن يتحقق رجاء قداسة البابا فى بناء الكنيسة.
وعلى أثر ذلك رد السيد/ محمد سليمان العتيبى بتاريخ 7/6/1960 على القمص مكارى السريانى برسالةٍ يبلغهُ فيها بأنه قد عرض على سمو الأمير موضوع تأجير مكان لإقامة الشعائر الدينية مؤقتاً فوافق سموه على ذلك ريثما يرى أن الوقت قد حان للبناء.وقد كان لصدور موافقة سمو أمير الكويت على إقامة الشعائر الدينية فرحة كبيرة بين أبناء الشعب القبطي بالكويت ومصر كلها.
وقد قام الأستاذ/ رمزى زكى فى 25/10/1960 بتسليم خطاب موجه من قداسة البابا إلى سمو الشيخ/ عبد الله المبارك الصباح نائب سمو أمير الكويت ورئيس دائرة الشرطة والأمن العام يحيطه بموجبه علماً بأنه استناداً إلى موافقة سمو أمير الكويت على إقامة الشعائر الدينية للمسيحيين الأرثوذكس المقيمين بالكويت فقد تم اعتماد القمص أنجيلوس المحرقى (المتنيح نيافة الأنبا مكسيموس مطران القليوبية وقويسنا) والشماس/ سمير خير سكر(نيافة الأنبــــا باخومـيوس مطران البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية)، والأستـــــاذ/ رمزى زكى إسكندر المحاسب بالكويت كأعضاء اللجنة التى ستقوم بالإجراءات اللازمة لإقامة تلك الشعائر ، وطلب من سموه تقديم المعونة اللازمة لإنجاز مهمتهم مع دعائه وخالص شكره لشخصه الكريم.
كما أرسل القمص ميخائيل عبد المسيح وكيل البطريركية بتاريخ 27/9/1960 خطاباً إلى رئيس دائرة الشئون الإجتماعية بالكويت يطلب منه التفضل بإصدار ترخيص بجمع التبرعات لتغطية مصاريف تجهيز المنزل المطلوب استئجاره لإقامة الشعائر الدينية بواسطة اللجنة المعتمدة وخطاباً إلى رئيس دائرة الإسكان بالكويت للتفضل بالتنبيه لإعداد مكان لإقامة الشعائر الدينية والسماح باستضافة القمص أنجيلوس المحرقى والشماس سمير خير اللذان سيتوليان تأدية الشعائر الدينية وذلك بأحد أماكن الضيافة بدائرة الحكومة حتى يتم تهيئة المكان اللازم لإقامتهما الدائمة. وقد رد رئيس دائرة الإسكان فى ذلك الوقت ( سمو الشيخ/ جابر الأحمد الصباح أمير البلاد الأسبق) على خطاب القمص ميخائيل عبد المسيح بخطابه المؤرخ فى 8/10/1960 بالموافقة على إسكان القمص أنجيلوس المحرقى والشماس سمير خير فى بيت ضيافة الحكومة بصفة مؤقتة وقد كانت هذه لفتة كريمة أخرى من سموه.
ثم أرسل الأستاذ/ رمزى زكى بتاريخ 30/10/1960 خطاباً إلى القمص ميخائيل عبد المسيح وكيل البطريركية يبلغه فيه بأنه تم إيجاد المنزل الذى سُتقام فيه الشعائر الدينية للمسيحيين الأرثوذكس بالكويت وأنه بتوفيق من الله فإن هذا المكان يقع قرب الكنائس الأخرى وأن إيجاره الذى تم الإتفاق عليه هو 650 روبية شهرياً ( الروبية هى العملة الهندية التى كان يتم التعامل بها فى الكويت قبل إصدار أول عملة خاصة بالكويت عام 1961). كما طلب أيضاً فى خطابه الإفادة برقياً أو كتابياً عن الشخص المفوض لتوقيع عقد إيجار المكان وتحديد موعد حضور القمص أنجيلوس المحرقى والشماس سمير خير لعمل الترتيبات اللازمة وحتى يقوما عند حضورهما بالإشراف على التعديلات التى سيتم إجرائها على المكان.
تأسيس الكنيسة :
تم بعد ذلك العثور على موقع أفضل يقع بمنطقة القبلة بمدينة الكويت العاصمة بجوار فندق شيراتون الكويت. كان المبنى مستخدماً كنادى للخريجين قبل ذلك الوقت، وهو عبارة عن بيت قديم ملك السيد/ خالد عبد اللطيف الحمد وإخوانه ويتميز هذا المكان بوقوعه مقابل الكنيسة الكاثوليكية ولا يبعد كثيراً عن الكنيسة الإنجيلية أي انه فى منطقة كنائس ولا يوجد بجواره مساكن، كما يحيط به ساحة كبيرة يمكن استخدامها لوقوف سيارات المصلين. كل هذه العناصر جعلته مكاناً مناسباً لإقامة كنيسة. وقد شكر الأستاذ رمزى زكى فى خطابه السادة / خالد عبد اللطيف الحمد وإخوانه على ما أبدوه من روح التسامح والمحبة سائلاً الله ان يبارك فى أعمالهم ويمنحهم الصحة والسعادة والهناء.
وقد قام السيد / خالد عبد اللطيف الحمد – بصفته مالكاً للمنزل - بالتقدم إلى بلدية الكويت بطلب إجراء تعديلات وتوسعات فى البناء القديم وجعله كنيسة طبقاً للمخططات التى أرفقها الأستاذ رمزى فى خطابه الذى وجهه له. وعليه أصدرت بلدية الكويت رخصة البناء رقم 253 ( ملف رقم أ. ت 1/2/7/20 - بتاريخ 2/3/1961) بعد موافقة لجنة ترخيص ومراقبة البناء بجلستها الواحدة والعشرين بتاريخ 20/2/1961.
كما أصدر رئيس دائرة الشئون الإجتماعية والعمل بحكومة الكويت بتاريخ 11/3/1961 موافقة الدائرة على قيام القمص أنجيلوس المحرقى والشماس سمير خير والأستاذ رمزى زكى بجمع التبرعات لتغطية مصاريف تجهيز مكان فى الكويت لإقامة الشعائر الدينية فيه وذلك لمدة ثلاثة أشهر تبدأ من 15/3/1961 وتنتهى فى 14/6/1961 .
ثم تقدم الأستاذ رمزى زكى - بصفته مندوباً عن قداسة البابا - بكتاب بتاريخ 22/3/1961 إلى رئيس دائرة الكهرباء والماء لإصدار تعليماته بإيصال التيار الكهربائى إلى المنزل الذى تم استئجاره لتحويله إلى كنيسة للمسيحيين الأرثوذكس بالكويت وطلب إعفاء الكنيسة من دفع ثمن استهلاك التيار الكهربائى أسوة بأماكن العبادة الأخرى، ووافق رئيس دائرة الكهرباء والماء والغاز حيث تم إيصال التيار الكهربائى إلى الكنيسة فى نفس اليوم فى 22/3/1961 .
وبتاريخ 30/3/1961 تم توجيه خطاب إلى كل من القس يوسف غطاس راعى الطائفة الإنجيلية بالكويت ونيافة مطران الطائفة الكاثوليكية لإعلامهم بموافقة حكومة الكويت على الطلب الذى تقدم به صاحب الغبطة والقداسة البابا كيرلس السادس بإسم أبنائه المقيمين بالكويت لتأجير مكان وإقامة الشعائر الدينية به، وأن الوفد الدينى الموفد من قداسة البابا برئاسة جناب القمص أنجيلوس المحرقى سيصل إلى الكويت على طائرة شركة الخطوط الجوية الكويتية فى الساعة الرابعة بعد ظهر يوم السبت 1/4/1961، وأنه يـُشِّرف المسيحيين الأرثوذكس الموجودين بالكويت دعوتهم للإشتراك فى إستقبال هذا الوفد الدينى .
كما تم إرسال خطاب بتاريخ 30/3/1961 أيضاً إلى مدير عام دائرة المعارف من رئيس لجنة الكنيسة للموافقة على إعارة الكنيسة 150 كرسى من كراسى دائرة المعارف خلال المدة من صباح الأحد 2/4/1961 إلى صباح الإثنين 10/4/1961 لاستخدامها فى تأدية الشعائر الدينية الخاصة بأسبوع الآلام وعيد القيامة المجيد أثناء تلك الفترة نظراً لوصول الوفد الدينى الذى سيقوم بتأدية تلك الشعائر فى 1/4/1961 ولعدم تجهيز الكراسى اللازمة لجلوس المصلين لضيق الوقت.
إن كل هذه المراسلات تشهد بوضوح على سماحة حكام الكويت وتقديرهم لأبناء مصر من الأقباط الأرثوذكس ولأبناء مصر عامة . (للاطلاع على صور ضوئية من هذه المراسلات يرجى مراجعة قسم الملاحق والوثائق في نهاية الكتاب ).
وقد نشرت جريدة الأهرام فى عددها الصادر بتاريخ 20/3/1961 أن قداسة البابا كيرلس السادس قد إستقبل وفداً من المسيحيين فى الكويت ورفعوا إليه عريضة وقعها خمسة آلاف مسيحى أرثوذكسى بالكويت بينهم بعض الهنود الأرثوذكس يلتمسون موافقته على تبعية كنيسة الكويت للكرازة المرقسية بعد أن صرح سمو الأمير الشيخ عبد الله السالم الصباح حاكم الكويت ببنائها، وقد وافق قداسة البابا على هذا الطلب وأرسل خطاباً إلى حاكم الكويت متضمناً شكره لجهوده الموفقة فى نشر التعاليم الدينية فى بلاده مقدراً له روح التسامح الدينى والمحبة والإخاء التى ينشرها بين المواطنين فى ربوع الكويت، كما أفاد النبأ الذى نشرته الجريدة أيضاً بأن قداسة البابا قد إنتدب القمص أنجيلوس المحرقى أمين مكتبة القصر البابوى لرعاية المسيحيين الأرثوذكس بالكويت. والقمص أنجيلوس المحرقى هو أحد الرهبان الثلاثة الذين أُجريت بينهم القرعة الهيكلية فى الإنتخابات البابوية التى أُُختير فيها البابا كيرلس السادس.
أول قداس :
وفور وصول القمص أنجيلوس المحرقى والشماس سمير خير إلى الكويت بتاريخ 1/4/1961 أرسل الأستاذ رمزى زكى خطاباً إلى القمص مكارى السريانى سكرتير خاص قداسة البابا يُعلمه فيه بوصول القمص أنجيلوس المحرقى والشماس سمير خير إلى الكويت وأن مندوب سمو نائب حاكم الكويت كان فى إستقبالهما، وأنه تم الإحتفال بوصولهما وإجراء إستقبال يليق بمكانتهما الدينية، وأن حكومة الكويت قد صرحت بدخول وفد كبير من أقباط الكويت حتى باب الطائرة لاستقبالهما مع مدير المطار حيث توجه الوفد بعد ذلك إلى مكتب المدير للقيام بواجبات الضيافة ، وقام المدير بنفسه بتوديع الوفد حتى الباب الخارجى للمطار بكل حفاوةٍ وتكريم.
بعد ذلك توجه الوفد بصحبة المستقبلين إلى بيت الكنيسة الجديدة وتم رفع صلاة شكر إلى الله الذى حقق الأمنية العظيمة التى كان ينتظرها الجميع منذ أمدٍ بعيدٍ، وكان الشعب المسيحى فى الكويت فى فرحٍ عظيم بذلك .وفى اليوم التالى (2/4/1961 ) تم صلاة أول قداس فى الكنيسة.
ثم توجه القمص أنجيلوس المحرقى والشماس سمير خير إلى بيت الضيافة الحكومى لقضاء بعض الأيام إلى أن يتم إعداد المكان المخصص لإقامتهما داخل الكنيسة وقد إسُتقبلا في بيت الضيافة بحفاوةٍ بالغةٍ وتم تخصيص جناح خاص لكل منهما .
وبتاريخ 15/4/1961 أصدر قداسة البابا كيرلس السادس قراراً بتشكيل أول لجنةٍ لإدارة شئون الكنيسة من كل من :
القمص / أنجيلوس المحرقى - رئيساً
أ / كمال عبد الملك رزق - نائباً للرئيس
أ / رمزى زكى إسكندر - أميناً للصندوق
م / ماهر عوض لبيب - عضواً
الشماس / سمير خير - سكرتيراً
وبتاريخ 17/4/1961 أرسل الأستاذ رمزى زكى خطاباً إلى سمو رئيس دوائر الشرطة والأمن العام طلباً بالموافقة على منح الإقامة بالكويت للقمص أنجيلوس المحرقى مندوب قداسة البابا كيرلس السادس والشماس سمير خير سكر اللذان حضرا إلى الكويت لإقامة الشعائر الدينية للمسيحين الأرثوذكس وأنهم تحت كفالة الكنيسة .
ثم أرسل سكرتير قداسة البابا القمص مكارى السريانى خطاباً بتاريخ 19/4/1961 إلى الأستاذ رمزى زكى مُرفقاً به قرار قداسة البابا بتشكيل لجنة جديدة وطلب منه إشراك القمص أنجيلوس والأستاذ سمير خير فى كل الإجتماعات ووقوفهم على كل شئ وتسجيل الخطوات التى تمت قبل مجيئهما فى دفتر المحاضر حتى يكون بذلك سجلاً شاملاً لتاريخ الكنيسة من بدايته، وأرسل مع الخطاب قواعد إجراء الإكليل للأرثوذكس الآخرين التى كتبها مستشارون لهم خبرة ووافق عليها محامى بطريركية الروم الأرثوذكس .
وقد ذكرت جريدة أخبار الكويت أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ستقيم قداساً فى السادسة من مساء يوم الأحد الموافق 17/6/1961 بمناسبة العيد الأول لإستقلال دولة الكويت وبذلك يكون القمص أنجيلوس المحرقى أول كاهن قبطى أرثوذكسى يحضر إلى الكويت، وأول من أصعد الذبيحة على المذبح المقدس بكنيسة القديس مارمرقس بالكويت وكان يرافقه الشماس سمير خير.
وفى عام 1962 تم استدعاء القمص أنجيلوس المحرقى إلى القاهرة لرسامته مطراناً على القليوبية ومركز قويسنا ( وهو المتنيح الأنبا مكسيموس مطران القليوبية ومركز قويسنا) وأرسل قداسة البابا القس غبريال كامل بدلاً منه. وبعد وصول القس غبريال كامل إلى الكويت تم إنتخاب أعضاء مجلس إدارة جمعية كنيسة مارمرقس للأقباط الأرثوذكس بواسطة الشعب القبطى.
وفى مارس 1963 أرسل قداسة البابا كيرلس السادس القمص تيموثاوس المقارى (المتنيح نيافة الأنبا تيموثاوس الأسقف العام) لرعاية الكنيسة بدلأ من القس غبريال كامل .
وقد توجه القمص تيموثاوس فور وصوله لمقابلة سمو أمير الكويت الشيخ عبد الله السالم الصباح وحمل معه رسالةً من قداسة البابا لسموه، فأرسل سمو الأمير رسالة بتاريخ 26/3/1963 لقداسة البابا يعبر فيها عن سروره بالقمص تيموثاوس وأنه من دواعى سروره أن يسمع من قداسة البابا ما يشير إلى رضاه وإطمئنانه على أحوال أبنائه بالكويت .
كانت الكنيسة تُعتبر من المؤسسات التى ينطبق عليها القانون رقم 27 لسنة 1963 بشأن الإحصاء والتعداد وقرار مجلس التخطيط رقم 3/1967 كما هو موضح فى الرسالة الموقعة من رئيس مجلس التخطيط في ذلك الوقت الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح رحمه الله (سمو أمير البلاد السابق ) والموجهة إلى القمص تيموثاوس المقاري.
الكنيسة أيام الاحتلال والتحرير
في فجر الخميس الثاني من أغسطس 1990 استيقظت دولة الكويت على أصوات الدبابات والمدافع العراقية التي توغلت في عمق الأراضي الكويتية ودارت العديد من المعارك في أنحاء متفرقة من البلاد بين القوات الكويتية وجيوش الغزو؛ بعضها لم يكن بعيداً عن محيط الكنيسة كونها تقع في منطقة العاصمة وقد احترقت بعض مباني العاصمة تماماً.
في ذلك الوقت لم يكن يرعى الكنيسة سوى كاهن واحد هو القس إشعياء الأنبا بيشوي. وفيما كانت القوات العراقية تنتهك الأجواء الكويتية وتدمر مطاراتها وتشل الحياة فيها تماماً كان راعي الكنيسة فى مصر فى زيارة قصيرة ومتوجهاً من دير الأنبا بيشوي إلى مطار القاهرة للعودة إلى خدمته بالكويت . ولكن سرعان ما أُخبر بما يحدث في الكويت من غزو غاشم لم يمر عليه سوى سويعات قليلة وما تبعه من إغلاق الحدود وتوقف الرحلات المغادرة ؛ فعاد إلى دير الأنبا بيشوي يرفع الصلوات ويترجى مراحم الله من أجل سلامة الكويت وقياداتها وشعبها وجميع المقيمين فيها، وكان لاًفتا لهذا الأب الكاهن أنه كلما سأله عائد من الكويت أو أي من أبناء مصر من أجل هذا البلد وسلامته كان يردد دوماً أن الكويت «بلد خيرة» وأن الله سيساندها في محنتها ويعيد إليها شرعيتها ويهبها الحرية والتحرير.
أما موقف أبناء الكنيسة في الداخل فكان على شاكلة أبناء مصر والغالبية العظمى من المقيمين بالكويت إذ رفضوا ممارسة أعمالهم في ظل إدارة المحتل للدولة ومفاصل العمل فيها، بل أن الكثير منهم عرض أن يقوم بأي دور يساند شعبها في محنته وأبدوا مشاعر ليست فقط مؤازرة بل متفائلة بأن الله لن يتخلى عن قيادات الكويت وشعبها، ومع مرور أيام الاحتلال غادرت جموع كثيرة الكويت وهي تصلي من أجل أن يزيل الله هذه الغمة ويعيد البلاد إلى شعبها الودود.
تلك أوضاع أبناء الكنيسة، فماذا عن مبنى الكنيسة في منطقة القبلة بمدينة الكويت العاصمة ؟
إن استعادة مشاهد تلك الفترة تبين لنا أن الأيام التالية للغزو تزامنت مع صوم «السيدة العذراء» وكان هذا الصوم حافزاَ أكبر على مواظبة أبناء الكنيسة على التردد عليها بالرغم من العوائق التي زرعها المحتل ضد عملية التحرك من منطقة إلى أخرى وإجراءات التفتيش القاسية وحظر الخروج بعد غروب الشمس خصوصاً مع تنظيم مجموعات مقاومة من قِبَل شباب الكويت دأبت على مهاجمة القوات العراقية المحتلة والمنتشرة في البلاد.
رغم هذه المصاعب إلا أن الكنيسة ظلت فاتحة أبوابها وكان المار بجوارها يستطيع أن يميز اصوات التراتيل والألحان التي ينشدها المصلون بقيادة شمامسة و أراخنة الكنيسة متضرعين إلى الله أن يحرر الكويت ويساندها في أيامها الصعبة. وبالطبع لم يكن من الممكن أن تُقام القداسات الإلهية لعدم وجود الأب الكاهن ولكن في الفترات الأولى تمكن شمامسة الكنيسة من إقامة «قداس الموعوظين» الذي لا تتم فيه كامل طقوس القداس الإلهي ولا يكون فيه تناول من الأسرار المقدسة.
أيضاً ينقلنا شريط أحداث تلك الفترة إلى مشهد من مشاهد خدمة شمامسة الكنيسة وأراخنتها في شهور الغزو العراقي، إذ سعوا إلى الحفاظ على الكتب وأدوات الخدمات الدينية بل منهم من استقبل الكتب والمسجلات (شرائط الكاسيت) الدينية التي رغب أصحابها في تركها وديعة بالكنيسة قبل مغادرتهم الكويت خوفاً من تعرضها للتلف أو المصادرة من القوات العراقية على حدود الكويت البرية خصوصاً وأن عمليات الخروج من الكويت آنذاك كانت محفوفة بمخاطر عديدة.
وهكذا مضت أيام الغزو ثقيلة قاتمة إلى أن أسبغ الله على الكويت بنعمة التحرير بعد أن شارك المجتمع الدولي في عمليتي «درع الصحراء» و «عاصفة الصحراء» فعادت الكويت إلى أهلها وعادت لها شرعيتها في شهر فبراير من العام 1991 أي بعد ستة شهور عجاف ومن ثم عاد أقباط مصر إلى ممارسة شعائرهم في كنيستهم بمنطقة القبلة دون أدنى صعوبة.
ترميم الكنيسة القديمة وتوسعتها :
بعد تحرير الكويت وبسبب ظروف الغزو العراقى وإغفال صيانة مبنى الكنيسة الذى كان يعانى أصلاً من مشاكل انشائية وتسرب للمياه من سقفه، فإن الجهات المختصة سمحت للكنيسة بإجراء كثير من الترميمات وبعض التوسعات الرأسية المحدودة بناءً على موافقات ورخصة ترميم للمبنى صدرت عن بلدية الكويت فى عام 1993 . وقد سارعت مجموعة من أبناء الكنيسة لتقديم مجهوداتهم واسهاماتهم في عمليات الترميم والتوسعة، نذكر من هؤلاء : المهندس نعيم كامل والمهندس رفعت رياض والمهندس نبيل عدلي والمهندس ممدوح فخري والمهندس جبران سابا وآخرين. وكان ضمن التحديات التي واجهوها بنجاح هو القيام بأعمال الترميم والتوسعة جنباً إلي جنب مع استمرار الكنيسة في تقديم خدماتها وإقامة كافة شعائرها. وقد استمرت أعمال الترميم والتوسعة بهذه الجهود تحت إشراف أبونا إشعياء الأنبا بيشوي ثم استمر أبونا عزرا الأنبا بيشوي (نيافة الحبر الجليل الأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعدوة) في الإشراف علي فريق العمل فور قدومه إلي الكويت في يونيو 1992 ليخلف أبونا إشعياء في رعاية شعب الكنيسة.
بعد إنجاز أعمال الترميم والتوسعة تم افتتاح الكنيسة في ثوبها الجديد في ليلة عيد القيامة عام 1993 الذي وافق مساء السبت 17 أبريل 1993 وقد قام نيافة الحبر الجليل الأنبا أبراهام مطران الكرسي الأورشليمي والشرق الأدني «نيح الله نفسه» بتكريس الأيقونات وأواني المذبح في القداس الإلهي الذي أقيم احتفالاً بذلك. ومنذ ذلك الوقت ولأكثر من خمسة عشر سنة تالية تحول مبني الكنيسة من بيت عربي من دور واحد أرضي مساحته لا تتجاوز 580 متر مسطح إلي مبني من ثلاثة أدوار ضاق تدريجياً عن استيعاب أعداد المصلين وعن تلبية احتياجات الأنشطة المتعددة للكنيسة ومن ضمنها مدارس التربية الكنسية .
ضم مساحة أرض مجاورة للكنيسة القديمة :
فى 19/5/2001 كلف قداسة البابا المعظم الأنبا شنوده الثالث ( نيح الله نفسه ) أبونا بيجول الأنبا بيشوى بالسفر للخدمة فى الكويت بناءً على ترشيح صاحبى النيافة الأنبا أبراهام مطران الكرسى الأورشليمى والأنبا صرابامون رئيس دير القديس الأنبا بيشوى العامر بوادى النطرون.
فى هذه الأثناء عاد سمو أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح من رحلة علاجية طويلة دامت أربعة شهور. فبادر أبونا بيجول الأنبا بيشوى وأبونا ثيئوفان الأنبا بيشوى مع رؤساء الطوائف بالكويت للتهنئة بسلامة الوصول وأُقيمت قداسات شكر بالكنائس وعُلقت اللافتات ونُشرت تهانى بالصحف بالعربية والإنجليزية بعودة سموه بسلام وذهب الجميع للديوان الأميرى حيث سجلوا التهانى بدفتر الزيارات وتقابلوا مع وزير الديوان سمو الشيخ ناصر الأحمد الجابر الصباح ( الذى صار فيما بعد رئيساً للوزراء).
كان الشارع الذى أمام الكنيسة يشكل خطورة على الأطفال أثناء خروجهم مندفعين من الكنيسة ، ولذلك فكر الآباء الكهنة فى إيجاد إمتداد للكنيسة يشكل عامل أمان لهؤلاء الأطفال ، فأرسلوا خطاباً للبلدية لطلب قطعة أرض - من مساحة كبيرة مجاورة للكنيسة من أملاك الدولة - لاستخدامها كملعب للأطفال بعد خروجهم من الكنيسة .. وقد كان لنا ما طلبناه من قبل دولة الكويت الكريمة التي سمحت باستخدام مساحة 1400 متر مسطح. فقامت الكنيسة بتجميلها بزراعة بعض الأشجار وتسويرها بسور معدني خفيف. وكانت تُقام فيها خيمة كبيرة في المناسبات لاستيعاب أعداد المصلين المتزايدة.
نقل الكنيسة من محافظة العاصمة
« لِكُلِّ شَيْءٍ زَمَانٌ وَلِكُلِّ أَمْرٍ تَحْتَ السَّمَاوَاتِ وَقْتٌ» (جا 3: 1).
إن قصة نقل الكنيسة من موقعها السابق في مدينة الكويت العاصمة إلي موقعها الحالي هى قصة طويلة تعود بدايتها إلي عام 1983 ، تحديداً في 12 ديسمبر 1983 عندما صدر قرار المجلس البلدي رقم م ب /321/18/83 باستملاك مبني الكنيسة من مالكه أسوة بإستملاك العديد من المباني في منطقة «القبلة» من العاصمة. ومنذ ذلك التاريخ انتقلت ملكية المبني من مالكه الأصلي إلي وزارة المالية باعتبار أن المبني أصبح ضمن أملاك الدولة. وكان هذا الإستملاك من أجل المنفعة العامة لاستعمال الأراضي المُستملكة لإنشاء الطريق الأول السريع مع شبكة الكباري والأنفاق التابعة له من أجل تطوير شبكة الطرق في دولة الكويت.
إلا أنه وبعد صدور قرار الإستملاك في عام 1983 ، أرجأت وزارة الأشغال العامة تنفيذ المشروع مما جعل وزارة المالية تخاطب الكنيسة في 11 يوليو 1986 لتبلغها بإمكانية تمديد فترة الانتفاع (دون تحديد موعد لذلك) علي أن يتم الإخلاء عند طلب البلدية وأن علي الكنيسة إيجاد موقع بديل بالسرعة الممكنة.
امتدت فترة الانتفاع هذه في منطقة القبلة حتي بعد صلاة قداس يوم الأحد 5 أكتوبر 2008 عندما قامت الكنيسة بإخلاء المبني بعد 25 عاماً من قرار الاستملاك، ويحكي هذا الفصل هذه الرحلة الطويلة لما في تفاصيلها من أحداث تستحق التأمل فيها لنري يد الله في كل منها .
فى 28 مايو 2002 خاطبت بلدية الكويت الكنيسة تطلب إخلائها للمبنى لأن وزارة الأشغال أعادت إحياء مشروع «الطريق الدائرى الأول السريع»، كانت إجابة أبونا بيجول على بلدية الكويت : «بكل سرور ، لا مانع عندنا من ترك الكنيسة .. بالطبع يهمنا عمار الكويت .. ولكن نحتاج مكان بديل لكى نُقيم فيه شعائرنا الدينية».
بدأت الكنيسة فوراً في صباح اليوم التالي بمخاطبة المسئولين في الدولة التي جاءت استجابتهم شبه فورية بعد أقل من أسبوعين – تحديداً في 9 يونيو 2002 - بصدور القرار رقم 564 لمجلس الوزراء بصفته أعلي جهة تنفيذية في البلاد، جاء نصه كالآتي:
[الطلب إلي بلدية الكويت إرجاء تنفيذ أمر إخلاء الكنيسة القبطية المصرية في دولة الكويت إلي حين إيجاد البديل المناسب للموقع المطلوب إخلائه]
وفى 8/10/2002 وافق مجلس الوزراء على طلب بلدية الكويت بتخصيص موقع بديل للكنيسة القبطية وأصدر قراره رقم 996 بتكليف البلدية بتحديد الموقع المناسب لهذا الغرض فى ذات المنطقة.
بدأنا فى تقديم طلبات لبلدية الكويت لتخصيص قطعة أرض لبناء كنيسة جديدة، وزار أبونا بيجول الأنبا بيشوى وأبونا ثيئوفان الأنبا بيشوى معالى الوزير محمد ضيف الله شرار - نائب رئيس الوزراء ووزير الدولة لشئون مجلس الأمة ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء ( وكان مشرفاً على البلدية فى ذلك الوقت ) مرتين ووعد معاليه خيراً .
معالى الشيخة فريحة الأحمد:
فى هذه الأثناء قامت معالى الشيخة فريحة الأحمد الجابر الصباح (شقيقة سمو الأمير) بزيارة الكنيسة وكانت هذه الزيارة الكريمة وهى الأولى يوم 21/10/2003 . قام أبونا بيجول وأبونا ثيئوفان بعمل إعداد بسيط للزيارة لكنه جميل .. واستقبلوهم بترحاب كبير فى صالون كان بالدور الأرضى بالكنيسة القديمة. وحضر مع معالى الشيخة فريحة إبنتها الشيخة ريم والشيخة هناء بدر المحمد الصباح (وكيل الديوان الأميرى وابنة أخو سمو رئيس الوزراء وقتها ) والشيخة الدكتورة ميمونة العذبى الصباح ( عميد كلية الآداب وقتها ).
وفى جلسة يسودها الود والترحاب وقف أبونا بيجول ليرحب بهم وتكلم عن الكنيسة فى الكويت وكيف أنها كانت أول كنيسة لمصر خارج مصر وتم إنشاؤها عام 1961م ، وكيف فتحت الكويت لنا قلبها قبل أرضها وقبل الدول الغربية المسيحية. وما هى الكنيسة وما هو عملها وكيف تقدم الكنيسة خدماتها للجميع بلا تفرقة بين مسلم ومسيحى، كل ما يصلها من مشاكل تحاول أن تجد له حلاً لكى لا يصل إلى النزاع والتقاضي، وبذلك تساهم مع الدولة فى حمل بعض الأعباء على قدر الإمكان وفاءً منها للبلد الذى تعيش فيه. كما ذكر باختصار أن الكنيسة تُعلم أبناءها الأمانة والإلتزام والإنتماء وطاعة أُولي الأمر، وأننا نصلى من أجل الحكام ومن أجل البلاد ومياه الخليج والأمطار والمزروعات، وأن ذلك كله نابعا من وصايا إلهية وذكر لهم بعض الآيات وصلوات الكنيسة عن ذلك.
وقامت معالى الشيخة الدكتورة ميمونة بالرد على كلمة أبونا بيجول بكلمة عميقة نيابة عن معالى الشيخة فريحة .
يحكى أبونا بيجول تطور الأحداث بعد ذلك ويقول :
«دون أن أفكر - شعرت بعدها أن الله هو الذى تكلم – قلت: معذرة ًمعالى الشيخة المكان غير مناسب وضيق والسلالم متعبة ، ولكن نرجو أنه فى مرةٍ أخرى نستقبل معاليكِ فى مكان أكثر مناسبة، وتدخل أبونا ثيؤفان الأنبا بيشوي - بذكائه المعهود - قائلاً : حتى هذا المكان ها يتاخد منا.فسألت الشيخة فريحة : إزاى ؟ قلنا لها هايحل محله الطريق الدائرى الأول السريع ، قالت : إيه اللى ممكن نقدمه ؟ قلت لها : تذكير البلدية للحصول على مكانٍ بديل.
ودخل علينا عيد الميلاد وإذ بمعاليها وبتواضعها المعهود ترسل لنا كروت معايدة ( لأبونا ثيئوفان ولى أيضاً ) بخط يدها ، اتصلت كى أشكرها وإذ بها تقول : أنا عاوزه آجى أعيد عليكم ، قلت لها : يبقى العيد عيدين بوجود معاليكِ، هاتعيدوا يوم 25 ديسمبر أم 7 يناير ؟ قلت لها : اليوم اللى هاتشرفينا فيه هو ده العيد، إحنا بنعيد 7 يناير ، قالت آجى يوم 7 يناير ؟ قلت لها : يوم 7 يناير بيكون عيد للشعب . ولكن معالى الشيخة فريحة مجيئها عندنا يبقى عيد آخر (أقصد في يوم آخر، يوم هادئ) ، وحددنا يوم وسط الأسبوع وقد شرفتنا معاليها بالفعل ، وكان عيداً ثانياً بالنسبة لنا.
وقد تبادلنا الكلمات ، وفيما نحن جلوس على المائدة وإذ بها تسأل : إزى مصر ؟ قلت لها : بتروحى مصــر؟ قالت : طبعـــاً ، وإزى البـابا شنوده ؟ قلـــت لهــا: بيــحبـكم من قـــلبـه ، وبيـدعـى لــكــــم كلـكم بـــالبـركة، وبيشكركم على كل اللى بتقدموه لنا ، واستطردت قائلاً: لما تسافرى مصر بالسلامة نقابل معاليكِ بقداسة البابا شنوده، قالت : يا ريت، وهذا ما حدث إذ تعرفت على قداسة البابا شنوده وتكررت فيما بعد زيارات معاليها لقداسته فى المقر البابوى بالقاهرة.
سألت : إيه اللى حصل فى موضوعكم ؟ وكان حتى هذا الوقت لم يتم اختيار المكان الجديد، فلما علمت سعت لدى معالى الوزير الذى سألنى ما هو طلبك يا أبونا ؟ فأجبت: نحن نحتاج لمساحة خمسة آلاف متر، فقال لمدير عام البلدية : أبونا بيقول أنه محتاج خمسة آلاف متر، أرجوك ما تكسفناش مع الرجل، تقدر تروح يا أبونا البلدية بكره ؟ قلت فى أى وقت ، وفى صباح اليوم التالى ذهبنا (أبونا ثيئوفان وأنا) إلى البلدية، وبدأت مشاورات كثيرة لتحديد المكان المناسب.
وهنا يجب أن نسجل ونثمن دور معالى الشيخة فريحة فى تخصيص الأرض لبناء الكنيسة الجديدة وبكل صدق هى شخصية تتميز بالمحبة والقلب الطيب ولها أيادى بيضاء على الجميع ، كما أنها شخصية متسامحة جداً تحب الجميع وهذا ما يتميز به كل آل الصباح الكرام.
و نذكر أيضاً بالحب والعرفان ما قدمه عم فاروق شفيق ( تنيح من خمسة سنوات) وهو مسيحى سودانى كان يعمل مع معالى الشيخة فريحة فى مكتبها وكان يسافر معها فى غالبية تنقلاتها، ولاتزال أسرة هذا الرجل الفاضل الكريم شديدة الصلة بمعاليها إلى الآن (وستظل حيث أن جميعهم يستحقون كل الخير) .
البحث عن أرض بديلة للكنيسة الجديدة :
كانت النية تتجه أولاً لمنح الكنيسة أرضاً بالقرب من مكانها القديم في منطقة القبلة كونها منطقة كنائس - إلا ان كل الأراضي التي كان يمكن منحها للكنيسة كان قد تم تخصيصها لأغراض أخرى ويصعب جداً تعديل ذلك التخصيص فعلى سبيل المثال كان هناك :
3200م بجانب الكنيسة الإنجيلية لكنها كانت مخصصة للدائرة العامة للتحقيقات التابعة لوزارة الداخلية.
مكان آخر يربو على العشرة آلاف متراً أمام الكنيسة الإنجيلية ، ولكنا وجدناها مخصصة لمشروع معين.
1800 متراً مقابل فندق الشيراتون ، ولكنا وجدناها مخصصة لخدمات مشروع الطريق الدائرى الأول.
3500 متراً فى منطقة مقابر اليهود وغير المسلمين بجوار مبنى الشركة الخليجية للطيران ولكنها منطقة شديدة الإزدحام .
قطعة أرض بجانب مول «المهلب» بحولى لكنه مشترك مع مواقف كلية البنات
لذلك بدأت الجهات المختصة في البحث عن أرض خارج الكويت العاصمة، وبعد استعراض الأماكن المتاحة لم يكن أمامنا سوى منطقة حولى. أى لابد أن نترك منطقة الكنيسة القديمة إذ ليس فيها مكان على الإطلاق، وكان هذا اختياراً إلهياً إذ أن الموقع الحالى للكنيسة يتوسط الكويت ويبعد عن زحام العاصمة.
أخيراً وقع الاختيار على قطعة الأرض الحالية بمنطقة حولى ،وتكرم صاحب السمو حفظه الله ورعاه بمنحنا 6500 متراً وليس 5000 متراً (أى أكثر مما طلبنا) ، وكان تعليق المتنيح قداسة البابا شنوده الثالث: « طلبنا من الكويت فأعطتنا أكثر مما طلبنا». وقد صدر قرار بلدية الكويت فى 14/3/2004 بتخصيص موقع للكنيسة القبطية المصرية بمساحة 6500 متر بديلاً عن الموقع الحالى.
فى صباح الأربعاء 13/10/2004م قام نيافة الأنبا أبراهام مطران الكرسي الأورشليمي والشرق الأدنى بزيارة أمير الكويت آنذاك سمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، وكان فى إنتظار نيافته معالى الشيخ ناصر المحمد (وزير شئون الديوان الأميرى فى ذلك الوقت).وكان اللقاء يتسم بالمودة والحب اللذان إشتهرت بهما الكويت الحبيبة وقام نيافة الأنبا أبراهام بتسليم معالى الشيخ ناصر المحمد رسالة شكر وعرفان من قداسة البابا شنوده الثالث لسمو أمير البلاد تشيد بكرم سموه ومشاعره ومحبته الفياضة تجاه المسيحيين المصريين المقيمين بالكويت لاسيما فى السماح بقطعة أرض متسعة لبناء كنيسة بديلة للكنيسة الحالية .
وفى كل ذلك وغيره كانت يد الله معنا ، وكانت كل مكاتباتنا الرسمية نضعها فى مقصورة القديسين مساءً وفى الصباح الباكر نضعها على المذبح المقدس، وبعد القداس نرسلها للجهات المعنية فتصلنا الموافقات. وفى ليلة عيد نياحة القديس البابا كيرلس السادس تحركت أوراق الكنيسة بصفة رسمية وقد رأينا فى ذلك امتداداً لخدمته على الأرض حيث أنه زرع بذرة الكنيسة فى عام 1960 ولا زال يتعهدها بصلواته.
وهنا نذكر بالشكر والعرفان محبة ومشاعر جناب القس/ عمانوئيل غريب الذى ما أن سمع بقرار تخصيص الأرض جاء على الفور إلى الكنيسة وبصحبته جناب الشيخ/ يوسف صبرى (أحد شيوخ الكنيسة الإنجيلية) وبادر بتقديم أول تبرع لبناء الكنيسة الجديدة باسم الكنيسة الإنجيلية كراعٍ لها ، هذه واحدة من أشياء كثيرة قدمها جنابه بمحبة قلبية كعادته.
عندما بدأنا الحفر فى أرض الكنيسة الجديدة ، قدم لنا مدير أمن حولى سيادة العميد محمود الدوسرى (حالياً فريق - وكيل وزارة الداخلية) الكثير من العون والمحبة والمشاعر الطيبة ولازال وسيظل بشهامته المعروفة للكل.
ونذكر - بالمناسبة - لهذا الرجل الكريم (الفريق الدوسرى) أنه عند بدء انتقال الكنيسة إلى منطقة حولي وعند اقتراب عيد القيامة عام 2009 طلبت الكنيسة عمل اتجاه واحد لكلٍ من الشارعين اللذين أمام وخلف الكنيسة لتحقيق سيولة مرورية، وقد استجاب سعادته وحصلت الكنيسة على هذه الهدية الكريمة من وزارة الداخلية بالكويت للكنيسة المصرية.
كما نذكر بالخير دور سيادة اللواء مصطفى الزعابى– مدير أمن العاصمة فى ذلك الوقت (بعد ذلك فريق - وكيل وزارة الداخلية لشئون المرور) على ما قدمه لنا من خدمات فى كل مناسباتنا الدينية.
رحيل سمو الشيخ جابر :
فى 15/1/2006 رحل سمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح فقامت الكنيسة بدعوة شقيقته معالى الشيخة فريحة الأحمد الجابر الصباح وكثير من الضيوف من الجانب الكويتى من المسئولين والشخصيات العامة ورؤساء الكنائس لعمل تأبين لسموه ، وألقى القمص بيجول الأنبا بيشوى كلمة مؤثرة عن سموه فى هذا الحفل وقد تأثر الجميع جداً بهذا التأبين وبالمشاعر العميقة الصادقة التى فى قلوب الأقباط نحو الكويت الحبيبة.
مع وزير الأوقاف :
بعد تخصيص الأرض وأثناء رحلة البناء استدعى معالى الوزير النشط الدكتور / معتوق المعتوق وزير الأوقاف والشئون الإسلامية أبونا بيجول - وكان فى شهر رمضان – لكى يقابله الساعة الثامنة صباحاً ، وعن هذه المقابلة يقول أبونا بيجول : قبل الموعد كنت فى مكتب معاليه ، بادرنى أنه محتاج الكنيسة، فقمت بتقديم مجموعة من ال CDs لمعاليه تعبر عن انتمائنا ووفائنا للكويت التى نحبها بالحق منها :
تأبين سمو الأمير الراحل الشيخ جابر - رحمه الله» .. وكان هذا التأبين فى الكنيسة عرفاناً بجميل سموه إذ أنه كان أبٌ لنا جميعاً .
«سماحة الإسلام» ويحوى محاضرتين لقداسة البابا شنوده عن سماحة الإسلام - الأولى كانت سنة 1976 فى حضور الرئيس الراحل السادات وفضيلة شيخ الأزهر الراحل الشيخ عبدالحليم محمود، والمحاضرة الأخرى سنة 2006 عقب تصريحات بابا الفاتيكان فى وقتها ، وذكرت لمعاليه أنه على مدى 30 سنة لم يتغير فكر بابانا عن الإسلام أو المسلمين وكذا أولاده.
« بدون مجاملة « وهو برنامج عمله معى أخى الإعلامى الفاضل أحمد شمس الدين (جريدة القبس) على تلفزيون الكويت على الهواء ، قلت فيه بعض من كل مما يكنه قلبى للكويت التى أحبها.
أحدث غبقة (مائدة رمضانية) عملناها فى الكويت ويسميها السيد أحمد شمس الدين «غبقة المحبة» وطلبت من معاليه أن يشرفنا فى الغبقة القادمة بإذن الله. وسلمته أيضاً بعض الـ C.Ds وبعض المقالات التى نُشرت لى فى صحف الكويت .
بادر بعد ذلك معاليه وقال : إيه المطلوب منا ؟ قلت له : ألا تتعطل شعائرنا الدينية. قال : لم يُطلب منك هذا الطلب ، قلت : ولا ها يُطلب، إحنا فى بلد محترمة ، ونتعامل مع أناس محترمين ، قال إيه المطلوب؟ قلت له مكان مؤقت نصلى فيه إلى أن ننتهى من البناء ، قال أعمل لكم خيمة ، مش خيمة كشافة يا أبونا ،لكن خيمة محترمة «خيمة البصمان» ، قلت له : مش محتاجين خيمة. إحنا محتاجين دروة (تنده - مظلة) تقينا شمس النهار والمطر فى الشتاء.حتى ما نحتاجه من أدوات للصلاة يمكننى حملها فى سيارتى ، وإعادتها فى أوقات الصلاة .
ثم إلتفت معاليه إلى معاونيه واصفاً إياى بالإنسان المتعاون المتفاهم المرن، وقال أحد الحاضرين معى: أبونا بيطلب لغيره ولا يطلب لنفسه ، قال: أبونا يأمر، ذكر هذا الأخ : أبونا وأخوه ساكنين فى الكنيسة،وعندما يزورنا نيافة المطران يسكن معهم فى الكنيسة. قال: قداسة البابا ونيافة المطران وأبونا وأخوه يسكنوا عندى ، يسكنوا فى بيتى. قلت له: هذه المشاعر الفياضة الصادقة ستصل قداسة البابا ، وقداسته يكن لجميعكم كل حبٍ واحترام. قال معاليه : ونحن كذلك ، قـــلت له : قداسته يعلم ذلك.
بدأنا فى البحث عن مكان مؤقت نصلى فيه إلى أن ينتهى البناء حتى نتمكن من تسليم الكنيسة القديمة. فقمنا بالبحث عن مدرسة ، قاعة ، مسرح، وفى يوم قمنا بمعاينة مدرسة فى منطقة تُسمى «خيطان» أغلب ساكنيها عمال وبها الكثير من المسيحيين.
نتيجة استعجال وزارة الأشغال إخلاء مبنى الكنيسة القديمة تمهيداً لهدمها لتنفيذ مشروع الدائرى الأول السريع قرر مجلس الوزراء فى 25/6/2006 مخاطبة وزارة التربية بتخصيص إحدى المدارس فى منطقة حولى أو بجوارها لاستخدامها بصفة مؤقتة لحين انجاز المبنى الجديد للكنيسة.
فى 1/5/2007 وافق مجلس الوزراء على العرض المُقدم من شركة البصمان لشراء قاعة متنقلة مع ملحقاتها لإستعمال الكنيسة كمقر مؤقت مع تحمل الدولة لكافة النفقات وتكليف وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالتنسيق مع وزارة الأشغال بهذا الشأن.
المقر المؤقت
فى 28 سبتمبر 2008 تعجلت الشركة المسئولة عن تنفيذ الطريق الدائرى فى طلب الكنيسة لتستكمل مشروعها. يقول أبونا بيجول : وقتها علمت أن الدولة باتت مُطالبة بدفع غرامات تأخير وهى بمثابة الآلاف كل يوم بسبب تأخر تسليم مبنى الكنيسة. فكرت فى أنهم لم يفعلوا معنا إلا كل الخير ، فاتفقت معهم على إخلاء المبنى ولكن أين نصلى ؟ وكان بجوار الكنيسة أرض فضاء فأخبرونا بأنه خلال 40 يوم سيكون لكم مبنى مؤقت جاهز (وليس خيمة) فى الأرض الفضاء المجاورة للكنيسة الجديدة، وأنه يمكننا أن نصلى فى سرداب المبنى الجديد لحين الانتهاء من بناء المقر المؤقت. وقدم معالى الفريق محمد البــدر رحمه الله (رئيس اللجنة الأمنية العليا للإزالات والتعديات) وقتاً وجهداً كبيراً وتفهماً فى إعداد سرداب الكنيسة الجديدة للصلاة.
كان سندنا الأول فى هذا كله قداسات كنا نصليها فى الصباح الباكر قبل أن يستيقظ أحد (أسبوعياً تقريباً ) ، نضع كل أوراقنا وهمومنا واحتياجاتنا مع صلوات القديسين على المذبح وكان الله يستجيب.
وبعد إستئذان مثلث الرحمات نيافة الأنبا أبراهام ، تقرر أن ننتقل إلى مبنى الكنيسة الجديد الكائن فى منطقة حولى ونبدأ صلواتنا وأنشطتنا واجتماعاتنا فى سرداب الكنيسة الجديدة بصفة استثنائية وبتصريح خاص من البلدية، لكى لا ننقطع يوما واحداً عن الصلاة ، إلى أن يتم تشييد المبنى المؤقت الملاصق للكنيسة الجديدة فننتقل إليه ونُكمل خدماتنا حتى ننتهى من تشطيب الكنيسة الجديدة وتجهيزها.
وبالفعل استمرت كل خدمات الكنيسة من قداسات وإجتماعات وأنشطة فى مواعيدها. فقد صلينا آخر ثلاثة قداسات فى الكنيسة القديمة بشيراتون أيام الجمعة والسبت والأحد 3، 4، 5 أكتوبر 2008 ثم صلينا فى سرداب الكنيسة الجديدة بحولى يومى الإثنين والثلاثاء 6 ، 7 أكتوبر 2008 كقداسات إضافية، للتعبير عن سرورنا بعمل الله وما قدمته الدولة لنا.
ظللنا نصلى فى السرداب حوالى ثلاثة أشهر من 6/10/2008 وحتى 6/1/2009. وفى برامون عيد الميلاد (اليوم السابق لعيد الميلاد) 6/1/2009 صلينا أول قداس فى المقر المؤقت وظللنا فيه ثلاثة سنوات تقريباً من 6/1/2009 وحتى 23/12/2011.
كان هذا المقر المؤقت مشيداً على مساحة 2000 متر بالإضافة إلى كافة الملحقات، كهدية من مجلس الوزراء للكنيسة القبطية لحين الانتهاء من المبانى. شكرنا عليها سمو الشيخ ناصر المحمد رئيس الوزراء السابق، وعلق نيافة الأنبا بولا على هذا المبنى المؤقت قائلاً : يا ريت كانت المبانى الثابتة عندنا زى هذا المبنى المؤقت .
ويحكى أبونا بيجول عن نقل الكنيسة من منطقة العاصمة إلى حولى، فيقول : كنت أصلى فى كنيسة العذراء والأنبا بيشوى بالأحمدى مساء يوم الأربعاء أول أكتوبر 2008 وخطر ببالى أن نقوم بنقل الكنيسة إلى المبنى الجديد بمنطقة حولى وكان لايزال تحت التشطيب ، وبالفعل بدأت بالتنبيه على شعب الكنيسة قائلاً: أننا سنصلى فى الكنيسة القديمة قداسات الجمعة والسبت والأحد وسنصلى الاثنين والثلاثاء فى سرداب الكنيسة بمنطقة حولى، وفى وسط التنبيه توقفت متسائلاً :
إذ أنه كيف ننقل كل هذه المحتويات بعد أربعة أيام ؟ وبدون سابق تفكير قلت لهم «القديس أباسخيرون هينقل لنا الكنيسة» وفى الصباح الباكر سألنى البعض هل سننقل الكنيسة اليوم فقلت لهم أنقلوا كل محتويات المبنى ولكن اتركوا الكنيسة إلى ما بعد قداس الأحد. ومن بعد قداس الأحد وحتى المساء كانت الكنيسة انتقلت بكاملها ببركة الشهيد العظيم أباسخيرون القلينى.
ذكر لى أحد الأحباء ، بعد أن انتقلنا من الكنيسة القديمة بالكويت إلى الكنيسة الجديدة بحولى ما ملخصه : كنت معكم ليلة نقل مقصورة القديسين ، وإذ بك تأخذ الأنبوبة وبها رفات القديسين ونتبارك منها ثم تعطيها لأحدنا فيضعها فى السيارة ، وأخذتهم ومضيت ، رأيت رؤيا فى هذه الليلة (رؤيا وليس حلم) وإذ بعدد كبير من الرؤوس يتقدمهم شخص ضخم خارجين جميعهم من الكنيسة وفوقهم أم النور وهى منيرة جداً طالعة نازلة عليهم. ما هذا الذى رأيته ؟ وإلى أين هم ذاهبون ؟قلت له : أعتقد أن هؤلاء هم القديسون الذين معنا ، خارجين من الكنيسة لأننا سنتركها وسيكون فى مكانها كوبرى ، وجايين معنا حولى لأننا لا نستطيع أن نعيش من غيرهم وهم يعلمون ذلك ، والشخص العظيم الذى يتقدمهم هو أبوهم مارمرقس أما السيدة العذراء المنيرة فهذا هو موضعها .. فوق الكل.
لقد تعزيت جداً بقصة هذا الأخ إذ تأكدت أن هؤلاء القديسون معنا ويصلون عنا ، ولم ولن يتركونا ، لأنه سبق وقلت للشعب فى مرة كانوا قد اضطربوا جداً من إشاعات كثيرة تقول أننا ماشيين من هنا وليس لنا مكان لكى نصلى فيه ، قلت لهم : المذبح المقدس أمامنا والقديسين من خلفنا (كانت المقصورة خلف المصلين فى جهة الغرب) واحنا محصورين فى الوسط هايحصل لنا إيه ؟ فوجدتهم يصفقون ويزغردون ، وبعدها مباشرة حصلنا على الترخيص ، فتأكد الشعب أن القديسين يعملون معنا . وفى تركنا للكنيسة القديمة وانتقالنا للمقر المؤقت وجهت نداء إلى شعب الكنيسة ملخصه: أننا سنترك الكنيسة القديمة مشاركةً فى إعمار الكويت المحبوبة، شاكرين على المكان البديل الذى سنبنى فيه كنيستنا .( أنظر قسم الملاحق )
الكنيسة الجديدة
رحلة التنفيذ من تخصيص الأرض حتى تجهيز المبنى
تخصيص الأرض :
في 18 أبريل 2004 صدر قرار المجلس البلدي بتخصيص قطعة الأرض التي تم عليها تشييد الكنيسة الحالية في منطقة حولي. إلا أن تخصيص قطعة الأرض لم يكن أبداً نهاية المطاف. ذلك لأن التخصيص تتبعه مجموعة من الإجراءات التنفيذية لدى عدة إدارات حكومية في بلدية الكويت وخارجها يستوجب الأمر إتمامها حتى يمكن البدء في حزمة أخرى من الإجراءات المتعلقة بمرحلتي التصميم ثم التنفيذ.
وقد انتهت الإجراءات التنفيذية قبيل منتصف عام 2006 بموافقة وزارة الكهرباء والماء على نقل محطة تحويل تيار كهربائي كانت مقامة على قطعة الأرض التي تم تخصيصها لمبني الكنيسة.
التصميم :
لم يكن بالإمكان الشروع في التنفيذ قبل تصميم مبني الكنيسة. ومن البديهي أن يكون ذلك التصميم تصميماً أعد لقطعة أرض معلومة القياسات والاتجاهات. لذلك كان لابد من الانتهاء من تلك الإجراءات قبل الشروع في التصميم.
ومن جانب آخر فإن مباني الكنائس تُعَامل معمارياً على اعتبار أنها من المباني الخاصة المتفردة بحكم طبيعتها كما أنها أيضاً صعبة ومعقدة إذا كان مبني الكنيسة متعدد الأغراض يستوعب الأنشطة الدينية الأخرى بالإضافة إلى سكن الأب المطران والآباء الكهنة وبعض الخدام.
لذلك ومن أجل استعجال إخلاء مبنى الكنيسة في منطقة القبلة بمدينة الكويت العاصمة، وجنباً إلى جنب مع السير في الإجراءات التنفيذية للتخصيص، شرعت الكنيسة في استجلاب عروض فنية ومالية للتصميم من مكاتب معمارية وهندسية إلي أن تعاقدت في 19 ديسمبر 2005 مع المعماري المصمم المهندس وجدي بشاي الميري علي قيامه بالخدمات الاستشارية للتصميم.
الإنشاء والتنفيذ :
أيضاً من أجل استعجال إخلاء مبني الكنيسة القديم بمنطقة القبلة فقد استدعي ذلك استعجال التنفيذ الذي لم يتم بالطريقة التقليدية والتي بموجبها يبدأ التنفيذ فقط بعد الإنتهاء من التصميم. وإنما تم اتباع النظام المعروف بـ «Fast Track» أو «المسار السريع» والذي بموجبه يبدأ التنفيذ قبل الإنتهاء من التصميم وتتم بالتالي جدولة أعمال التصميم والتنفيذ لتسير جنباً إلى جنب إلى أن يكتمل إنشاء المبني وتجهيزه للاستخدام، وبناءاً على ذلك فقد بدأت في 11 مارس 2006 أعمال الحفر لسرداب المبني وأساساته بموجب عقد الإنشاءات الأول.
بعد ذلك بدأ العقد الثاني في 1 نوفمبر 2006 واشتمل على أعمال الخرسانة والمباني وخدمات المبني من أعمال صحية وأعمال تكييف هواء والأعمال الكهربائية ، وكانت ترسية أعمال هذين العقدين بعد طرح مناقصات بالمظاريف المغلقة فازت بهما شركة أساس للمقاولات حيث المهندس جبران سابا شريك ومدير عام للشركة.
توالت بعد ذلك مجموعة كبيرة من العقود التخصصية لتنفيذ أعمال التشطيبات الخارجية وأهمها الكسوة بالحجر والتشطيبات الداخلية والتأثيث الداخلي والفرش وهذه أعمال فنية تتسم معظمها بالخصوصية الشديدة مثل أعمال القواطع المتحركة والأسقف الجبس الزخرفية ورسم القبة والجدران والأيقونات وحامل الأيقونات الخشبي والمذابح الرخامية بالإضافة إلي قائمة طويلة من الأعمال الفنية الأخري مثل أعمال الرخام والجرانيت للأرضيات والجدران والسلالم والأبواب والشبابيك. وقد تم تنفيذ معظم هذه الأعمال بواسطة شركات تعود ملكيتها إلى أبناء الكنيسة وأبناء الكنائس الأخرى الذين كانوا يقدمون تبرعاتهم المالية والعينية من خلال التعاقد مع الكنيسة بأسعار منخفضة وتنافسية.
كما كانت كافة أعمال الإنشاء والتجهيز هذه يتم التعاقد عليها بموجب عقود ومستندات تعاقدية أعدها عدد من أبناء الكنيسة من المتخصصين، ثم خضع التنفيذ ذاته لإشراف يومي مستمر بواسطة عدد آخر من المهندسين المتخصصين معظمهم من أبناء الكنيسة.
وبناءاً علي توجيهات مثلث الرحمات الأنبا أبراهام مطران الكرسي الأورشليمي كان قد تم تشكيل لجنة هندسية ضمت مجموعة من المهندسين من كافة التخصصات ، كانت تجتمع أسبوعياً لمتابعة التصميم والتنفيذ. ومع بداية التنفيذ تم تعيين المهندس فريد مسيحة كممثل للكنيسة مقيماً في موقع العمل، ثم خلفه المهندس أكرم فوزي إلياس بعد مغادرة المهندس فريد للكويت. كما قام نيافته باختيار لجنة هندسية ثلاثية لتقوم بمراجعة وتدقيق التوصيات التي تعرض على نيافته للإعتماد. وخضعت اللجان الهندسية في الكويت لإشراف الآباء القمص بيجول الأنبا بيشوي والقمص أبادير الأنبا بيشوي.
تكريس الكنيسة الجديدة وأول قداس بها :
فى يوم الجمعة 17 بابه 1728ش الموافق 28/10/2011م تم إقامة أول قداس بالكنيسة الجديدة ورأس الصلاة : نيافة المتنيح الأنبا أبراهام مطران الكرسى الأورشيلمى والشرق الأدنى واشترك فى الصلاه مع نيافته :
• القمص بيجول الأنبا بيشوى
• القمص أبادير الأنبا بيشوى
• القس ميخائيل إبراهيم
• القس مرقس مجلى
• القس بيشوى حسنى
وأشترك معهم الضيوف :
• القس بولا الأورشليمى ( الذي كان مرافقاً للأنبا أبراهام )
• القمص يوسف ذكي ( أمريكا )
ثم فى يوم الجمعة الموافق 23 / 12 /2011 م تم الانتقال من المبنى المؤقت إلى الكنيسة الجديدة حيث انتقلت الخدمة بالكامل إلى الكنيسة الجديدة وتم تسليم المبنى المؤقت - الذى أهدته لنا الدولة - بعد أن ظللنا نصلى فيه قرابة الثلاث سنوات.
آباء مطارنة خدموا الكنيسة
1. مثلث الرحمات نيافة الأنبا باسيليوس :
1959 - 1991
وُلد بإسم سامي تاوضروس فى مدينة أسيوط بصعيد مصر فى يوم 1/11/1923 .
أحب الحياة الروحية فالتحق بعد الثانوية بالكلية الإكليركية بالقاهرة سنة 1940 بعد موافقة الأرشيدياكون حبيب جرجس ، وحصل على دبلوم اللاهوت سنة 1943.
ترهبن عام 1943 بدير القديس الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر باسم/ الراهب كيرلس الأنطوني.
استكمل دراساته اللاهوتية فدخل المعهد العالي للدراسات القبطية وحصل على الماجستير سنة 1956. ثم أُوفد من ِقبل الكلية الإكليركية إلى الكلية اللاهوتية بجامعة تسالونيكي باليونان للحصول على الدكتوراه وحصل عليها بتقدير إمتياز فى 6/2/1956
عمل أستاذاً لتاريخ الكنيسة بالكلية الإكليريكية، فضلاً عن أنه كان يجيد أربعة لغات (الإنجليزية الفرنسية ، اليونانية ، القبطية).
آلف العديد من الكتب منها : كوكبة البرية - عصر المجامع - البراهين القوية - حياة القديس الأنبا أنطونيوس .
اختاره المتنيح الأستاذ الدكتور/ عزيز سوريال عطية، ليكون محرراً لقسم اللاهوت فى دائرة المعارف القبطية التى أصدرها على اعتبار أنه رجل علم يُوثق بمعرفته وكُتب إسمه فى دائرة المعارف.
بعد إرتقاء المتنيح قداسة البابا كيرلس السادس كرسي الكرازة المرقسية كان من أُولى إهتماماته تعيين مطراناً لكرسي إيبارشية القدس الذى ظل خالياً لعدة سنوات فاختار قداسته القمص كيرلس الأنطوني ليكون مطراناً على القدس وقد أيد هذا الإختيار جميع أصحاب النيافة أحبار الكنيسة . حينئذ رأى القمص كيرلس الأنطوني أنه ليس أهلاً لكرامة الأسقفية ، فهرب واختفى وظل مدة مختفياً بينما كان الآباء المسؤولين يطلبونه بإلحاح، إلى أن وجه المتنيح الأنبا غريغوريوس أسقف الدراسات العليا اللاهوتية والبحث العلمي رسالة إليه نظراً لعلاقة المحبة التى كانت تربطهما جاء فيها «ولعل قبولكم لمنصب مطران للقدس كسباً للكنيسة من حيث أن الكنيسة اليوم ترجو أن لايحتل مثل هذه المناصب إلا أشخاص يُقدَّرون معنى الخدمة ولهم رغبة صادقة فى العمل المُثمر.على كل حال المرجو من قدسكم أن تعودوا إلى الظهور من جديد للتفاهم أيضاً، ولعلكم فى كل هذه الفترة صليتم إلى الله وطلبتم الإرشاد».
ظهر القمص كيرلس الأنطوني ورسمه البابا كيرلس السادس والآباء المطارنة مطراناً على الكرسي الأورشليمي يوم الأحد 7/6/1959 بالكاتدرائية المرقسية بالأزبكية بإسم الأنبا باسيليوس ليكون باكورة سيامات قداسته.
فى عهده تم تأسيس كنيسة مارمرقس بالكويت كما ذكرنا.
تنيح بسلام فى فجر يوم الأحد الموافق 13/10/1991 وصلى عليه قداسة البابا شنوده الثالث والآباء المطارنة والأساقفة يوم الثلاثاء الموافق 15/10/1991 بكاتدرائية العذراء بالزيتون ومنها نـُقل إلى ديره (دير القديس الأنبا انطونيوس – بالبحر الاحمر) فى مقبرة أُعدت خصيصاً له.
2. مثلث الرحمات نيافة الأنبا أبراهام مطران الكرسي الأورشليمي والشرق الأدنى 1991 – 2015 :
وُلد نيافته بمركز المنشاة ، محافظة سوهاج في 30 يونيو سنة 1943م ، وُسمى «إبراهيم». رباه والداه تربية مسيحية حقيقية ، ظهرت ثمار هذه التربية في حبه لله و تعلقه الشديد بالكنيسة والخدمة فيها منذ نعومة أظافره.
بعد إتمام الدراسة الثانوية ، التحق بكلية الزراعة، وحصل على بكالوريوس الزراعة في سنة 1964م ، بتفوق َأهَلهُ للدراسات العليا فحصل على الماجستير في الأعشاب الطبية في سنة 1970م ، ثم على الدكتوراه في النباتات الطبية في سنة 1976م ، ثم عُين أستاذاً مساعداً للعلوم الصيدلانية في سنة 1980م.
أما عن إهتماماته الدينيةِ فقد إلتحق بالكلية الإكليريكية ، و حصل منها على البكالوريوس سنة 1971م ، ثم إلتحق بمعهد الدراسات القبطية ، فحصل على الماجستير في العلوم اللاهوتية سنة 1971م
بعد حصوله على كل هذه الدرجات العلمية ، رغب في حياة الرهبنة والزهد ، فترك العالم وكل ما فيه و ذهب إلى ديرالأنبا بيشوي طالباً للرهبنة في 5/6/1983م وتمت رهبنته بإسم الراهب سدراك الأنبا بيشوي في 19-3-1984،
بعد فترة من رهبنته ، إنتدبه قداسة البابا شنوده الثالث للخدمة و الرعاية للشعب القبطي في سويسرا حيث كان نيافته يتقن عدة لغات منها الأنجليزية والفرنسية والألمانية إلى جانب اللغة القبطية . ثم اختاره الرب ليجلس على الكرسي الأورشليمى ، فسيم مطراناً للكرسي الأورشليمى والشرق الأدنى في 17/11/1991م ، وتم تجليسه على كرسيه بالقدس في 3 يناير 1992م.
منذ جلوسه على الكرسي الأورشليمى ، لم يدخر جهداً في سبيل الإهتمام بالشعب القبطي، ويقدم لهم الرعاية الروحية والإجتماعية وكافة الخدمات بكل أنوعها ،وعلى الرغم من اتساع الإيبارشية إلا أنه كان حريصاً على افتقاد أبنائه حتى فى أيام مرضه الأخيرة.
بُنيت فى عهده الكنيسة الجديدة بالكويت والتى قام نيافته بافتتاحها وتدشين ايقوناتها في يوم الجمعة 28 أكتوبر 2011. كما بُنيت في عهده أيضاً العديد من الكنائس فى كل أنحاء الإيبارشية ، كما قام بالعديد من المشاريع و المباني التي تساهم في نهضة الكنيسة القبطية بالأراضى المقدسة ، فصارت الكنيسة القبطية تعيش فى عهد نيافته أزهى عصورها
رقد فى الرب يوم الأربعاء 25 نوفمبر 2015 وذهب قداسة البابا تاوضروس على رأس وفد رفيع المستوى للصلاة عليه ودُفن فى القدس حسب وصيته.
3. نيافة الأنبا أنطونيوس مطران الكرسي الأورشليمى والشرق الأدنى (فلسطين والكويت ولبنان والأردن والعراق و سوريا) :
وُلد نيافته بإسم (عماد القمص تيموثاوس شرموخ) في مدينة أبوتيج من أسرة مباركة علي رأسها قامة روحية كبيرة وهو القمص تيموثاوس شرموخ وكيل مطرانية أبوتيج أطال الله حياته وأشقاؤه الأصغر منه هما: القس صموئيل كاهن كنيسة السيدة العذراء بأبوتيج والقس تادرس الكاهن المتبتل راعي دير السيدة العذراء ( دير الجنادلة ).
حصل علي بكالوريوس العلوم الزراعية من جامعة أسيوط ثم بكالوريوس الصيدلة من جامعة المنصورة ، عمل صيدلياً قبل أن يترهب بدير الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر
له تاريخ روحي منذ طفولته عنوانه الصلاة والصوم والوداعة ونقاء القلب والخدمة الباذلة سواء في التعليم أو الشماسية - حباه الله صوتاً روحانياً رائعاً- وكذلك خدمة الفقراء وعامة الشعب كان قائداً لفريق مارمرقس الكشفي بأبوتيج.
يعتبر القديس المتنيح القمص ثاوفيلس المحرقي (شقيق نيافة الأنبا أبراهام) الأب الروحي لنيافته وقد أثر كثيراً في حياته مع والده بالجسد القمص تيموثاوس.
ذهب الى الدير فى سنة 2004 وتمت سيامته راهباً فى سنة 2006 باسم الراهب ثيؤدور الأنطوني وعمل في أمانه وإخلاص علي خدمة آباء الدير من المرضي وكبار السن.
نال درجة القسيسية فى سنة 2013
كان يدرس مؤخراً في كلية اللاهوت باليونان.
نال درجة القمصية يوم الأحد 21 فبراير سنة 2016
تمت سيامته مطراناً للكرسي الأورشليمي والشرق الادنى يوم الأحد الموافق 28 فبراير سنة 2016.
اهتم بعد رسامته بإيبارشيته المترامية الأطراف ويكفى أن نقول أن نيافته زار الكويت وحدها أكثر من ست مرات خلال سنة لمتابعة الخدمة والرعاية ، كما رسم ثلاثة آباء جدد من أبناء وخدام الكنيسة فى 13/1/2017 ليكونوا إضافة للخدمة الكهنوتية .
آباء كهنة خدموا الكنيسة
1. القمص أنجيلوس المحرقى / المتنيح الأنبا مكسيموس مطران القليوبية ومركز قويسنا (1961- 1962 )
وكان يرافقه الشماس سمير خير ( نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة والخمس مدن الغربية حالياً).
بدأ أبونا أنجيلوس المحرقى الخدمة فى الكويت وصلى أول قداس فى 2/4/1961م كما ذكرنا ، وكان مشهوراً بوداعته وطيبة قلبه حتى قيل عنه أنه كان «ملاكاً فى جيله». وكان قد رُشح قبلها للبطريركية فى عام 1959م مع القمص مينا المتوحد والقمص دميان المحرقى وحصل على أعلى الأصوات ولكن القرعة الهيكلية اختارت القمص مينا المتوحد (قداسة البابا كيرلس السادس) ليكون راعى الرعاة. عاش أبونا أنجيلوس فى الكويت حياة البساطة والإيمان وواجه كل الظروف بصبر وثقة فى عمل الله ومعونته. وبزهده ونسكه وصلاته أعطاه الله نعمة فى عينى كل من تعامل معه حتى أن صاحب المنزل الذى تم تأجيره ليصير كنيسة مارمرقس قد تخلى عن الإيجار المُستحق على الكنيسة بعد أن تراكم لأكثر من ستة شهور.
لم يستمر القمص أنجيلوس فى الكويت سوى سنة واحدة عاد بعدها لمصر حيث رسمه قداسة البابا كيرلس السادس أسقفاً على القليوبية وقويسنا فى 31/3/1963.
يروى بعض العاملين بالكويت أنهم ذهبوا إليه فى القليوبية أثناء فترة الغزو وبكوا أمامه قائلين «الكويت خربت يا سيدنا» فأجابهم بكل قوة «الكويت ما تخربش أبداً ، البلد اللى فتحت قلبها وأرضها لشعوب العالم لايمكن أن تخرب ، الكويت ستعود وبقوة» وقد كانت هذه نبوءة من نيافته تحققت فيما بعد إذ عادت الكويت بكل قوة إلى مجدها.
يروى نيافة الأنبا باخوميوس (الشماس سمير خير) عن هذه الفترة : لما إختارنى قداسة البابا كيرلس السادس للخدمة فى الكويت ذهبت إلى أبونا أنطونيوس السريانى (قداسة البابا شنوده) لأخذ رأيه وبركته فقال لى «تروح بالإيمان ؟ «قلت: «أروح» وبالفعل أتيت للكويت وبدأنا الخدمة . لم تكن هناك فى ذلك الوقت أى موارد للكنيسة وكنت أعمل محاسباً وأخدم فى نفس الوقت لكى أنفق على نفسى وعلى أبونا انجيلوس . ونذكر بالفخر أن نيافته لازال يعتز بالفترة التى خدم فيها بالكويت ويذكرها بكل خير ، وقد طلب نيافته مصاحبة قداسة البابا تاوضروس فى الزيارة التاريخية المرتقبة للكويت وكان ذلك سبب فرح للجميع خاصةً أنها فرصة لكى يرى عمل الله وثمرة تعبه وخدمته.
2. القس غبريال كامل (1962-1963) :
رسمه قداسة البابا كيرلس السادس كاهناً لكنيسة مارمرقس بالكويت فى 8/4/1962 وبعد أربعين يوماً قضاها فى الكاتدرائية المرقسية سافر لخدمته فى الكويت وقد اهتم بالوعظ والخدمة والعلاقات مع الكنائس الأخرى. زاره السفير المصرى للتهنئة بعيد الميلاد فى 6 يناير 1963. ثم استدعاه قداسة البابا للخدمة فى كنائس مصر حيث خدم فى كنيسة العذراء بالمعادى ثم كنيسة العذراء بحارة الروم وأخيراً فى كنيسة مارمينا بفم الخليج حتى تنيح بسلام فى 16/12/2009.
3. القمص تيموثاوس المقاري / المتنيح الأنبا تيموثاوس الأسقف العام (1963-1973 ) :
أرسل قداسة البابا كيرلس السادس القمص تيموثاوس المقارى (المتنيح نيافة الأنبا تيموثاوس الأسقف العام) فى مارس 1963 لرعاية الكنيسة خلفاً للقس غبريال كامل. وقد توجه القمص تيموثاوس فور وصوله لمقابلة سمو أمير الكويت الشيخ عبد الله السالم الصباح وحمل معه رسالةً من قداسة البابا لسموه، فأرسل سمو الأمير رسالة بتاريخ 26/3/1963 لقداسة البابا يعبر فيها عن سروره بالقمص تيموثاوس وأنه من دواعى سروره أن يسمع من قداسة البابا ما يشير إلى رضاه وإطمئنانه على أحوال أبنائه بالكويت .خدم القمص تيموثاوس بالكويت حوالى عشر سنوات.
رُشح للبطريركية عام 1971م أثناء وجوده فى الكويت وتم تزكيته ليكون واحد من الثلاثة الذين جرت بينهم القرعة الهيكلية وهم : الأنبا صموئيل الذى حصل على أعلى الأصوات يليه الأنبا شنوده ثم القمص تيموثاوس المقارى واختارت القرعة الأنيا شنوده أسقف التعليم ليصبح قداسة البابا شنوده الثالث.
فى عيد العنصرة الموافق17/6/1973 قام قداسة البابا شنوده الثالث برسامته أسقفاً عاماً باسم الأنبا تيموثاوس مع نيافة الأنبا صرابامون أسقف دير الأنبا بيشوى. انتدبه قداسة البابا شنوده الثالث للإشراف على بطريركية الإسكندريةمن عام 1980-1986 م، ثم عاد بعد ذلك إلى القاهرة ، وتنيح بسلام فى 28/3/1999.
4. القمص يوحنا جرجس فهمي( 1973) :
خدم فترة قليلة بالكويت ثم عاد ليخدم بكنيسة مارمرقس بشبرا مع القمص مرقس داود والقمص ميخائيل إبراهيم والقمص اسطفانوس عازر حتى تنيح بسلام فى 1990م.
5. القمص أثناسيوس المحرقي( 1973-1985) :
يُذكر لهذا الأب التقى – الذى تنيح منذ سنوات - أنه أثناء خدمته فى الكويت سأل عن وجود أقباط فى المناطق المجاورة ، فلما علم بوجود أقباط يعملون فى دولة الإمارات استأذن نيافة الأنبا باسيليوس للذهاب إليهم.
توجه أبونا أثناسيوس في شهر مايو 1974م إلى مدينة أبوظبي بعدتكليفه من نيافة الأنبا باسيليوس وقام بالإجتماع مع الإخوة الموجودين في ذلك الوقت لترتيب عمل أول قداس بمدينة أبوظبي.
فى ذلك الوقت كانت هناك ثلاث كنائس كان سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله قد أمر ببنائها ، لتخدم الطوائف المسيحية بمدينة أبوظبي، وهي كنيسة القديس جوزيف الكاثوليكية، وكنيسة القديس أندرو الإنجليكانية، وكنيسة القديس جورج للهنود السريان.
وفى5/6/1974 أُقيم أول قداس إلهي للأقباط الأرثوذكس بكنيسة القديس جوزيف بمبناها السابق على كورنيش أبوظبي. وقد بلغ عدد الحضور حوالي ثلاثين شخصاً ، وتم عمل أول صلاة إكليل بمدينة أبوظبي عقب القداس الإلهي وذلك يوم 3/5/1977 وأيضا تم عماد طفلين في جرن معمودية متنقل.
استمر القمص أثناسيوس بعمل قداس واحد شهرياً فى دولة الإمارات لمدة 4 سنوات حتى أرسل قداسة البابا شنوده القس تيموثاوس الأنبا بيشوي (نيافة الأنبا إبرآم- أسقف الفيوم ورئيس دير الملاك بالنقلون) فى يوم 29/12/1978 للخدمة فى دولة الإمارات، ثم استمرت الخدمة الكنسية فى الإمارات إلى أن صارت هناك كنيسة فى كل إمارة.
6. القمص زوسيما السريانى(1982-1990) :
خدم بالسودان من 1973 – 1980 ثم بالكويت من 1982 – 1990 ثم عاد إلى مصر حيث تنيح فى فجر يوم الخميس الموافق 1/3/2012م وقام بالصلاة على جثمانه الطاهر نيافة الأنبا متاؤس رئيس دير السريان ونيافة الأنبا صرابامون رئيس دير الأنبا بيشوى ونيافة الأنبا ثيؤدوسيوس أسقف إيبارشية الجيزة وبعض رهبان دير البراموس ودفن بطافوس الدير.
7. القس إشعياء الأنبا بيشوى (1990-1992) :
حضر للكويت فى عام 1990 وسافر إلى مصر فى زيارة قصيرة أثناء الصيف حدث خلالها الغزو العراقى الغاشم على الكويت فتأجلت عودته حتى تحرير الكويت. وظل أبونا إشعياء يخدم فى الكويت إلى أن تسلم الخدمة أبونا عزرا الأنبا بيشوى.
8. القس عزرا الأنبا بيشوى / نيافة الأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعدوة (يونيو 1992 – مايو 2001 ) :
حضر أبونا عزرا فى 22/6/1992 وبدأ مع القس إشعياء الأنبا بيشوي فى ترميم الكنيسة القديمة حيث كان السقف فى حالة سيئة جداً.
اهتم نيافته بالخدمة الروحية فبدأ فى تأسيس إعداد خدام ووضع المناهج بمساعدة الدكتور المهندس سعيد شحات أمين عام الخدمة ، وكثير من الخدام الموجودين حالياً هم من ثمار هذه الخدمة . يقول نيافته: إن التعليم موهبة وقراءة ودراسة وتأخذ صبغة من خبرات الحياة المعاشة والتعليم هو درجة أعلى من الوعظ. ومن أقواله أيضاً « العمل الجماعى فى الخدمة هو أصل النجاح». وقد اهتم باصدار «مجلة الإيمان» لنشر التعليم والعمل الروحى.
خصص شقة للمغتربات اللاتي يعشن بدون اسرهم وقد كانت تتسع لـ 15 مغتربة ترعاهم الكنيسة. كانت الكنيسة تحت كفالة جناب القس عمانوئيل غريب ، فأرسل نيافته خطاباً إلى المرحوم الشيخ سعد العبدالله لنقل كفالة الكنيسة إلى الكاهن المسئول وقد وافق سموه على ذلك.
بعد خدمة مدتها تســــع ســنوات استدعاه قداسة البابا الأنبا شنوده الثالث وعينه فى 21 /5 /2001 م نائباً بابويا لإيبارشية مغاغه والعدوه. وبعد فترة وجيـــزة من خدمته بالإيبارشـــــية كنائب بابوي قُدمت تزكية لقداسة البابا شنوده الثالث لسيامته أسقفا للإيبارشية . فقبل قداسة البابا التزكية وتمت سيامته أسقفاً للإيبارشية بتاريخ 9/9/2001م , ورسم معه نيافة الأنبا أثناسيوس أسقف بنى مزار والبهنسا ، ونيافة الأنبا قزمان أسقف سيناء.
9. القس ساويرس الأنبا بيشوى (1996-1998):
خدم فى فترة وجود أبونا عزرا وقد تفانى فى خدمة العمال والكادحين وكان يختار المناطق النائية ليفتقدها ويجذب النفوس البعيدة. ويتميز أبونا ساويرس بصوته القوى المعزى وعشقه للتسبحة والألحان وبساطة قلبه التى يشهد لها كل من يتعامل معه.
10. القس إيسوذوروس الأنبا بيشوى (1999 – 2000) :
خدم فى فترة وجود أبونا عزرا و بالرغم من خدمته القصيرة إلا أنه كان ملىء بالنشاط والحيوية والغيرة على النفوس. بعدها انتقل للخدمة فى الإمارات ويذكر البعض إلى الآن ما قاله أبونا بيجول الأنبا بيشوى فى حفل استقباله فى دبى «ستجدون أبونا ايسيذوروس on طوال اليوم وكل يوم ، حافظوا على وقته لكى تستفيدوا أنتم بوقته». ثم انتقل بعد ذلك للخدمة فى نيجيريا وهناك جاهد كثيراً فى خدمته. ولازال الكثيرين يذكرون نشاطه منقطع النظير وعطاءه من قلبه وإنكاره لذاته.
11. القمص بيجول الأنبا بيشوى (مايو 2001 حتى الآن ) :
بدأ خدمته فى الكويت فى 19/5/2001 بعد خدمة ناجحة فى كنيسة العذراء بالعين/ أبوظبى بدولة الإمارات لأربع سنوات.
إهتم أبونا بيجول بتوسيع نشاط الخدمة الروحية والقداسات والإجتماعات والإفتقاد والإهتمام بكل الفئات. كما حرص منذ قدومه على إحضار رفات الكثير من القديسين والإهتمام بتطييبها في أعيادهم ونشر هذا الفكر وسط أبناء الكنيسة.
إهتم ببناء علاقات قوية ومتينة مع رؤساء الكنائس الأخرى ومع الشخصيات العامة والدبلوماسية المصرية .وقد اتسعت علاقات الكنيسة مع الجانب الكويتى وبدأت دعوة المسئولين وكبار الشخصيات لحضور الأعياد والمناسبات فى الكنيسة وإقامة الغبقات (موائد الإفطار) الرمضانية والمشاركة فى الأعياد القومية والدينية ، مما كان له أطيب الأثر فى النفوس.ساعده على ذلك شخصيته المحبوبة وقلبه المتسع الذى يحوى الجميع ومشاعره الصادقة وفصاحته وبلاغته التى جعلت منه متكلم لبق فى جميع المناسبات إضافة إلى نشاطه ومجهوده الوفير الذى يبذله فى الخدمة وفى السؤال عن الجميع وفى مشاركة الجميع فى أفراحهم وأحزانهم.
بفضل هذه العلاقات الطيبة بين الكنيسة ودولة الكويت تم تخصيص قطعة الأرض التى بُنيت عليها الكنيسة كمنحة سخية من صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه . ونتيجة أيضاً لهذه العلاقات الطيبة تم توجيه دعوة كريمة من سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لقداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثانى لزيارة دولة الكويت حملها لقداسته سمو الشيخ على الجراح نائب رئيس الديوان الأميرى على رأس وفد رفيع المستوى.
وبالرغم من مشغولياته والتزاماته الكثيرة فهو مسئول عن العديد من الخدمات داخل الكنيسة منها: خدمة الشباب الجامعى داخل وخارج الكويت (حيث يقوم بافتقاد أبناء الكنيسة فى مصر وعمل مؤتمرات لهم هناك)والخريجين والمتزوجين حديثاً ، وأسرة الأطباء والعاملين بالحقل الطبى ، وخدمة النظام ، و الكشافة ، ومتوسط (اعدادى) و خدمة السجون والمساجين.
يحرص قدسه على عمل نهضات بالكنيسة ودعوة الآباء الروحيين بانتظام للوعظ والتعليم وحضر الكثير منهم للكويت مثل: نيافة الأنبا بولا (الذى يخدم خدمات روحية إضافةً إلى الأحوال الشخصية) ونيافة الأنبا رافائيل والقمص تادرس يعقوب والقمص داود لمعى والقمص بولس جورج والقمص بيشوى عزيز والدكتور مجدى اسحق.
12. القمص ثيؤفان الأنبا بيشوى (من يونيو 2001 حتى فبراير 2004) :
شارك القمص بيجول فى كل المجهودات التى بُذلت من أجل تخصيص الأرض والبحث عن مكان مناسب للكنيسة الجديدة.
ويمتاز ببشاشته وابتسامته ووداعته التى تأسر القلوب ولذا التف حوله شباب الكنيسة ولا زال الكثيريون يذكرونه بكل الحب والخير، كما يتميز بذكاء شديد وبذل وعطاء منقطع النظير .
13. القمص ايلاريون الأنبا بيشوى من ( أبريل 2002 حتى يوليو 2006)
كان مثالاً للخادم المتفانى فى خدمته الذى لا يكل ولا يمل من الخدمة والوعظ والتعليم والإفتقاد وحل المشاكل ، ويمتاز بالصبر والمثابرة وقوة العزيمة، ولازال وسيظل في ذاكرة الكنيسة التي تحبه من قلبها .
14. القمص ابادير الأنبا بيشوى (نوفمبر 2006 حتى الآن )
خدم خدمة ناجحة لمدة سنتين بالنمسا قبل حضوره للكويت.
إهتم بالخدمة الروحية والوعظ والتعليم وله عشرات العظات المعزية التى جذبت الكثير من أفراد الشعب. لديه موهبة فى العمل الفردى بابتسامته الهادئة وشخصيتة الوديعة التى جذبت الكثيرين فأصبح مرشداً وأب اعتراف للكثيرين. وإلى جانب هذه الشخصية الوديعة فهو يتمتع بمواهب إدارية وقيادية متميزة .
كان حضوره للخدمة فى الكويت ترتيباً إلهياً ليكمل ما تم. عمله فقد تولى مسئولية الإشراف على إنهاء بناء الكنيسة وتشطيبها بتكليف من نيافة الأنبا ابراهام منذ عام 2008 ، ويقول قدسه: بالرغم من عدم معرفتى بالأمور الهندسية (حيث أنه صيدلى) إلا أننى كنت أجتهد وأسأل كثيراً وكنت أذهب إلى أبناء الكنيسة المتخصصين أحاول أن أتعلم منهم لكى أفهم بعض المعلومات عن الإنشاءات والكهرباء والديكور ....... إلخ. وبسبب حكمته وحسن إدارته تم انهاء العمل فى الكنيسة على أكمل وجه وأعلى مستوى لتصبح تحفة فنية ومعمارية يفتخر بها الجميع.
وخلال هذه الفترة التى انغمس فيها فى هذا العمل الشاق بتفاصيله الهندسية والإدارية والمالية والتى لم يشعر أحد فيها بالمجهود الذى كان يبذله حتى عاينوا الكنيسة الجديدة، فيكفينا أن نقول أنه ظل بالكويت لما يقرب من أربع سنوات متواصلة بدون أجازات حتى أتم العمل كله. وبالرغم من ذلك إلا أنه لم يُقَصر فى الخدمة الروحية بالكنيسة وظل مسئولاً عن العديد من الخدمات منها : اللجنة المالية ، أعمال الصيانة بالكنيسة ، خدمة الأرامل ، خدمة اخوة الرب ، خدمة ثانوى ، و المهندسين، و المسرح ، و الكورالات والترنيم ، والمرضى.
لم يكتفِ أبونا أبادير بدوره الكبير فى بناء هذا الصرح ولكنه استمر فى الإهتمام والمتابعة لكل أعمال الصيانة ليظل للمبنى نفس رونقه ، ويكفى فى هذا الصدد أن نذكر ما قاله نيافة الأنبا أنطونيوس «إن مبنى الكنيسة لا زال محتفظ بجماله برغم مرور خمس سنوات، مبانى كثيرة نجدها تدهورت كثيراً بعد سنوات قليلة لكن المبنى لازال بنفس روعته وكأنه تم إفتتاحه للتو»
15. القس ميخائيل إبراهيم ( من 31-12-2009 حتى الآن ) :
وهو من الخدام القدامى الذين خدموا بالكنيسة فى الكويت لسنوات طويلة وقت أن كان يعمل صيدلياً، رُقى أثنائها عام 2001 إلى رتبة رئيس شمامسة (أرشيدياكون) بيد المتنيح الأنبا ابراهام. ثم استدعاه بعد انتهاء عمله بالكويت لسيامته كاهناً فى كنيسة مارمرقس. وقد تولى خدمة الأحوال الشخصية بالكنيسة وهى من أصعب الخدمات نظراً لكثرة حالات المشاكل الأسرية، وبحكمته وصل بالكثير من الحالات إلى بر الأمان. وهو أيضاً مسئول عن خدمة الإبتدائى وأسرة مارمينا للعائلات. كما يهتم قدسه بالتعليم والوعظ عملاً بماء جاء فى الدسقولية «إمحُ الذنب بالتعليم» .
16.القس مرقس مجلي (من 1-12-2009 - تنيح في 5 يوليو 2014):
خدم شماساً وأمين خدمة لفترة طويلة فى الإمارات وقبلها فى الكويت وكان بحق كاهناً موهوباً. فإلى جانب شخصيته القوية وإحترافه الإدارة (إذ كان مديراً لسنوات طويلة فى إحدى شركات الأدوية) فقد كان خادماً نارياً ، شعلة فى النشاط ، قمة فى الإفتقاد والسؤال على الجميع ، واعظاً ومعلماً قديراً ، موهوباً فى حفظ الألحان وجمال الصوت ، يقول عنه أبونا أبادير : «كان له آداء مفرح فى الألحان ولديه موهبة أن ينقل حالة الفرح هذه لكل الشعب».
تولى الخدمة فى كنيسة العذراء والأنبا بيشوى بالأحمدى،واتسعت الخدمة جداً فى عصره وجذب الكثيرين من سكان المناطق المحيطة والمناطق الأخرى، وبالرغم من خدمته القصيرة التى لم تتعد الخمس سنوات إلا أنه نجح من خلالها أن: «يهىء للرب شعباً مستعداً» (لو 1: 17).
صلى آخر قداس مساء يوم الأربعاء 2 يوليو 2014 . وفى يوم الجمعة ظل يمارس خدمته حتى منتصف الليل ، وفى فجر يوم السبت الموافق 5 يوليو وأثناء استعداده للقداس فاجأته أزمة قلبية «ولما كملت أيام خدمته مضى إلى بيته» (لو 1: 23) وتنيح بسلام وتمت الصلاة عليه وسط دموع الآلاف من شعبه فى الكويت وفى مصر فى كنيسته الملاك بشيراتون بحضور ستة من الآباء الأساقفة والعديد من الآباء الكهنة.
17.القس بيشوي حسني (من 31-12-2009 حتى الآن) :
وهو شخصية محبة للطقس والألحان ومنذ بداية خدمته حدثت طفرة فى تسليم الألحان لكل الأعمار وأصبح للكنيسة أجيالاً من الأطفال يتقنون أصعب وأكبر الألحان. ووضع نظاماً فى خدمة الشماسية خصوصاً فى المناسبات وأحيا العديد من الألحان الطويلة وألحان المناسبات والتى لم تكن تُقال ولم تكن معروفة لغالبية الشمامسة.
يظهر حبه الشديد للتسبيح فى تواجده ليل نهار بالكنيسة خصوصاً فى أسبوع الآلام وليالى شهر كيهك. يهتم قدسه أيضاً بخدمة «الكنايسى» وقد أضاف الكثير جداً من أدوات وأوانى المذبح وبسبب حبه الشديد للنظام حافظ على قدسية وهدوء ونظام ونظافة الهيكل بنفس المستوى منذ افتتاح الكنيسة.
وقدسه مسئول أيضاً عن خدمة الملائكة والتى اتسعت جداً وازدادت الأعداد جداً بفضل تشجيعه ، ومن مسئولياته أيضاً خدمة الباصات والقربان.
الآباء الكهنة الجدد :
في يوم الجمعة الموافق 13 يناير 2017 قام نيافة الحبر الجليل الأنبا أنطونيوس مطران الكرسي الأورشليمي والشرق الادني وبمشاركة وحضور أصحاب النيافة الأحبار الأجلاء نيافة الأنبا يسطس – أسقف ورئيس دير القديس الأنبا أنطونيوس العامر ونيافة الأنبا أغاثون – أسقف مغاغة والعدوة ونيافة الأنبا زوسيما – أسقف أطفيح والصف (الجيزة) برسامة ثلاثة آباء كهنة جدد للكويت وهم :
- الدكتور / عماد جبره - باسم القس كيرلس جبره
- الدكتور / مجدي جرجس - باسم القس دانيال جرجس
- الأستاذ / جورج غبور - باسم القس لوقا غبور
وقد حضر الرسامة رؤساء الطوائف المسيحية بالكويت والسفيرة هويدا عصام قنصل جمهورية مصر العربية والآلاف من الشعب القبطي المقيم بالكويت. وعقب قداس الرسامة أقيم حفل أغابي للشعب كله ثم احتفال قدمت فيه الكورالات بعض الألحان والترانيم بحضور أصحاب النيافة والآباء كهنة الكويت والآلاف من الشعب القبطى. بعد ذلك غادر الآباء الجدد مطار الكويت الدولى إلى القاهرة بصحبة نيافة الأنبا يسطس – أسقف ورئيس دير القديس الأنبا أنطونيوس العامر لقضاء فترة الأربعين يوماً بدير القديس الأنبا أنطونيوس العامر بالبحر الأحمر.
مجالس الكنيسة وخدام خدموا بالكنيسة
كان أول مجلس للكنيسة قد تم تشكيله بقرار من قداسة المتنيح البابا كيرلس السادس فى 15/4/1961 وضم كل من :
القمص أنجيلوس المحرقى - رئيساً
أ / كمال عبد الملك رزق - نائباً للرئيس
المرحوم / رمزى زكى إسكندر - أميناً للصندوق
م / ماهر عوض لبيب - عضواً
الشماس / سمير خير - سكرتيراً
مجلس الكنيسة فى عهد حبرية المتنيح الأنبا باسيليوس :
المرحوم/ أنور نوس - للأمور المالية
المرحوم/ رمزى زكى - للأمور المالية
المرحوم/ رمسيس عبد الملك – مستشار قانونى ومن قدامى شمامسة الكنيسة منذ انشائها
أ.مجدى حنا مجلى - الذى أصبح فيما بعد القمص بولا حنا مجلى (ويخدم حالياً بكنيسة القديس بطرس والقديس بولس بلوس أنجلوس).
م. نبيل عدلى - مهندس استشارى (حالياً بالقاهرة).
مجلس الكنيسة فى عهد حبرية المتنيح الأنبا أبراهام :
المرحوم الدكتور/ هانى عبد الملك – اللجنة الإجتماعية
الدكتور/ رجائى مقار – اللجنة الإجتماعية (غادر إلى أمريكا)
الدكتور/ عادل غالى – عن كنيسة العذراء والأنبا بيشوى بالأحمدي (غادر إلى أمريكا)
المهندس/ سمير حنا – عن كنيسة العذراء والأنبا بيشوى بالأحمدي (غادر إلى الإسكندرية ويخدم حالياً بكنيسة الأنبا تكلا)
أ. رؤوف فايز – اللجنة المالية (غادر إلى القاهرة)
أ. ناجى نصيف – اللجنة المالية (عمل حتى 2012)
أ. عادل عزيز – اللجنة المالية (غادر إلى القاهرة)
أ. مجدى صبحى – اللجنة المالية (غادر إلى القاهرة)
وعلى مدى السنوات فقد كان نيافة الأنبا أبراهام يقوم بتعيين بديلاً ليحل محل عضو غادر الكويت بحيث أن آخر تشكيل للمجلس في عهد حبرية الأنبا أبراهام ضم كل من :
المستشار/ عادل بطرس – وكيل مجلس الدولة سابقا : المستشار القانونى للكنيسة.
د. حمدى عدلى – استاذ طب الأسنان بجامعة القاهرة وطبيب استشارى حالياً بالكويت : خدمة اخوة الرب باللجنة الإجتماعية والعلاقات العامة.
دكتور مهندس/ سعيد شحات – مستشار هندسي : أرشيدياكون بخدمة الشماسية وأمين عام الخدمة وخادم بخدمة أخوة الرب باللجنة الإجتماعية.
د. سامى اسكندر – خبير اقتصادى: مستشار اللجنة (غادر إلى كندا)
م. يوسف شاكر – مهندس إستشاري: عن كنيسة العذراء والأنبا بيشوى بالأحمدى.
أ. وجيه إبراهيم مسعود – مدير مالى و إدارى: اللجنة المالية وخدمة اخوة الرب.
ونذكر بالخير أيضاً بعض الخدام القدامى الذين خدموا الكنيسة وغادروا الكويت :
الأستاذ جميل بطرس (وهو المتنيح القمص ابراهيم بطرس كاهن كنيسة رابطة القدس بالقاهرة ) : أمين مدارس أحد ثانوي وخدمة الوعظ.
المرحوم/ جورج زكى: خدمة الشماسية وتعليم وتسليم الألحان.
المرحوم الدكتور/ مبدع زكى: دياكون في خدمة الشماسية وخدمة الوعظ وأمين الخدمة بكنيسة السيدة العذراء والأنبا بيشوي بالأحمدي.
د. بشري رويس: خدمة دراسة الكتاب المقدس.
د. جمال أيوب (حالياً بالقاهرة): خدمة اجتماعات دراسة الكتاب المقدس والوعظ.
د. ريمون يوسف (حالياً بالقاهرة): خدمة التربية الكنسية والوعظ.
م. بشرى نسيم (حالياً بلوس انجلوس): أرشيدياكون بخدمة الشماسية.
أ. علوى حبيب (حالياً بالقاهرة): خدمة الإفتقاد وخدمة العمال .
أ. تامر اسحق خليل: دياكون بخدمة الشماسية وخدمة إجتماع الأنبا بيشوي
م. ميشيل غطاس (حالياً بالإسكندرية): خدمة النظام وخدمة الباصات.
وآخرون كثيرون خدموا الكنيسة بكل أمانة وإخلاص الرب يعوضهم عن تعبهم فى أورشليم السمائية.
خدمة كنيسة العذراء والأنبا بيشوى بالأحمدى
لم تقتصر الخدمة بالكويت على كنيسة القديس مارمرقس فقط، فقد سمحت عناية الرب بأن تُقام خدمة القداس الإلهى أيضاً على مذبح الكنيسة بمنطقة الأحمدى وذلك بداية من عام 1975 وما زالت هذه الخدمة مستمرة إلى الآن، وتقوم بخدمة الأقباط الذين يقطنون المناطق الجنوبية لدولة الكويت ، وكذلك خدمة التربية الكنسية لأولادهم .
حرص الآباء الكهنة على إقامة الصلوات فى المناسبات الكنسية مثل : ليالى الأعياد واسبوع الآلام على حسب ظروف المكان لإتاحة الفرصة أمام سكان هذه المناطق للتمتع بهذه الأيام.
ومنذ رسامة القس مرقس مجلي بالكويت فى 31/12/2009 أوكل إليه نيافة المتنيح الأنبا ابراهام مسئولية خدمة الأحمدى وقد شهدت الخدمة فى عصره نمواً وازدهاراً ، فزاد عدد القداسات من قداس واحد أسبوعياً إلى ثلاثة قداسات كل أسبوع ، كما ازدادت أعداد المخدومين.
كان يحرص على التواجد فى مواعيد مختلفة بالكنيسة لأخذ إعترافات الشعب كما اهتم بإفتقاد شعب الكنيسة وخاصة البعيدين منهم.
كان حريصاً على إقامة الصلوات فى كل المناسبات تقريباً فى الكنيسة مثل ليالى الأعياد وأسبوع الآلام وتسبحة كيهك
ونشكر الله أن تمت رسامة القس كيرلس جبره ليكمل هذه الخدمة ليعطيها الكثير من وقته وجهده.
علاقة الكنيسة بقيادات الكويت
«إنه لمن دواعي سرورنا الأكيد، ورضانا التام أن نرى أبناء الكنيسة الأرثوذكسية المقيمين في الكويت سعداء بإقامتهم هنا، وبقيامهم بأعمالهم في جو من الصداقة والأخوة التي تربط بين جميع أهالي الكويت، وتساعد على إيجاد الظروف والأسباب لنشر شعور الإطمئنان والرضا بين الجميع، هذا وأخذنا علماً برغبتكم في تصريح لبناء كنيسة أرثوذكسية في الكويت، وللمساعدة على بنائها، ويسرنا أن نفيدكم بأن هذا الطلب موضع عنايتنا وسينظر فيه على ضوء الظروف الحالية، ولابد أن نفيدكم بالنتيجة في الوقت المناسب إن شاء الله».
الفقرة السابقة من خطاب جوابي من سمو المرحوم الشيخ عبدالله السالم الصباح للمتنيح البابا كيرلس السادس، الذي كان قد وجه خطاباً إلى سمو أمير دولة الكويت يشكره فيه على ما يقابله أبناء الكنيسة الأرثوذكسية المقيمين في الكويت من رعاية ومعاملة حسنة شأنهم شأن جميع رعايا الدولة، وغلف «البابا» خطابه برجاء أن يتم التصريح ببناء كنيسة أرثوذكسية على أرض دولة الكويت مع المساعدة في تشييدها.
في الواقع فإن الخطاب الجوابي لسمو أمير الكويت الراحل لم يكن إلا انعكاساً لطبيعة أهل الكويت وموروثهم الحضاري، فالكويت تُعد من بين الدول الرائدة في منهجها التسامحي بين الأديان، بل أن مساحة حرية العقيدة في الكويت هي المساحة الأكبر على مستوى العالم العربي، وتحت مظلة قيم الحضارة الإنسانية وبرعاية من أسرة الحكم (آل الصباح) يتمتع الجميع في الكويت بالحرية الكاملة في ممارسة الحقوق الدينية وتأدية الشعائر.
حينما نتفحص الوثائق التاريخية ونراجع ذلك التاريخ تستوقفنا مشاهد بعينها تشير إشارات بالغة الدقة إلى عناية القيادة الكويتية بأمر تمكين أبناء الكنيسة الأرثوذكسية من الصلاة وأداء الشعائر الدينية، إذ لم تركن قيادة الدولة إلى وجود كنيستين (كاثوليكية وأخرى إنجيلية) بل تفهمت خصوصية كل طائفة ودعمت ترخيص وإنشاء كنيسة قبطية مصرية، ولاقى الأمر «عناية» رئيس الدولة (سمو الشيخ عبدالله السالم الصباح، رحمه الله) وهو ما نلحظه بوضوح في رسالته الجوابية للبابا كيرلس السادس والتي ذكر فيها: «أن هذا المطلب موضع عنايتنا».
لم يتوقف دعم القيادات الوطنية في الكويت على الترخيص بإنشاء الكنيسة بل قدمت تسهيلات محمودة لعل من أمثلتها موافقة دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل (وزارة الشؤون حالياً) على جمع التبرعات لتغطية مصاريف تجهيز الكنيسة فيما أُعفيت الكنيسة من دفع رسوم التيار الكهربائي بقرار من رئيس دائرة الكهرباء والماء (وزارة الكهرباء والماء حالياً).
وتشير الوقائع إلى أن الدعم الإداري والمالي لم يكن فقط ما منحته الكويت لهذا المشروع، بل أن مشاعر الترحيب والدعم المعنوي ظهرت جليه منذ البداية إذ تبين لنا الوثائق أن مندوب سمو نائب حاكم الكويت كان في استقبال القمص أنجيلوس المحرقي والشماس سمير خير حينما وفدا من مصر لتولي مسؤولياتهما الكنسية وقد أجري لهما استقبالا يليق بمكانتهما الدينية.
وإذا كانت الأرقام هي الأقدر على النطق وأقرب إلى تقديم إطار يقترب من الحقيقة فإن فحص تاريخ البدايات يقودنا إلى بيان إرادة سياسية داعمة لمطلب أقباط مصر المقيمين في الكويت لتشييد كنيستهم، إذ تقول الأرقام أن بداية طرح الفكرة كان في ديسمبر من العام ١٩٥٩، وأن المخاطبة الأولى للقيادة السياسية الكويتية لتحقيق هذه الرغبة كانت في 17/3/1960 حسبما ذكرنا في فصل سابق من الكتاب، بينما جاءت الرسالة الجوابية من حاكم الكويت في تاريخ 7/4/1960 أي لا يفصل بين إبداء الرغبة من الكنيسة الأرثوذكسية وبين الترحيب بها سوى ٢٠ يوماً فقط.
متابعتنا لمسيرة الكنيسة في الكويت لا تخفي حالة الاستقرار التي ظلت عليها وتواصلت بها حتى يومنا الحالي، سواء في زمن حكم سمو الشيخ صباح السالم الصباح، أو في عهد سمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح وولي عهده سمو الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، علماً بأنه في إمارة سمو الشيخ جابر الأحمد «رحمه الله» ارتدت الكنيسة ثوباً جديداً بعد إجراء ترميمات وتوسعة في العام ١٩٩٣.
أما سنوات حكم الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، والذي اختاره المجتمع الدولي أميراً للإنسانية، فتظل علامة مضيئة في تاريخ الكنيسة، إذ شهدت انتقالها إلى مبنى جديد بمنطقة حولي بعدما أرادت الدولة إزالة مبنى الكنيسة في منطقة الشيراتون كونه يقع في محيط مشروعاً تنموياً أنجزته الدولة.
ولازالت الكنيسة تحظى باهتمام قيادات الكويت وعلى رأسها أميرها سمو الشيخ صباح الأحمد ، وولي عهده سمو الشيخ نواف الأحمد ومن السلطات التنفيذية والتشريعة، ولعل ما يدلل على هذا الاهتمام هو مظاهر المحبة والرعاية التي تبدو دوما سواء في تهنئة أبناء الكنيسة في الأعياد بالورود والبرقيات أو في استقبال قيادات الكويت لقيادات الكنيسة الأرثوذكسية.
سمو المرحوم
الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح
الحاكم الثالث عشر لدولة الكويت
(١٩٧٧ – ٢٠٠٦)
سمو المرحوم
الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح
الحاكم الرابع عشر لدولة الكويت
(١٥ يناير - ٢٩ يناير ٢٠٠٦)،
وكان قبل ذلك وليا للعهد
منذ العام ١٩٧٨
سمو الشيخ
صباح الأحمد الجابر الصباح
أمير دولة الكويت
حفظه الله ورعاه
سمو الشيخ
نواف الأحمد الجابر الصباح
ولي العهد
حفظه الله
الكنيسة والمجتمع
تجتمع مشاهد متعددة فترسم صورة نقية ورائعة الجودة بين الكنيسة والمجتمع الكويتي، فكنيستنا التي تصلي من أجل سلام العالم وسلامة الناس ولأجل من هم في منصب ومن أجل المجتمع وازدهاره تعمل دوماً على تفجير طاقات الحب ونسج علاقات برباط بالمحبة والتقدير المتبادل بين جميع أطياف المجتمع ودوائره، وقد تنامت هذه العلاقة خلال السنوات الخمس العشر الأخيرة ولاسيما مع بدء خدمة القمص بيجول الأنبا بيشوي في الكويت، ونرصد هنا - بإيجاز- ملامح من وجوه التواصل اللافت والمهم بين كنيستنا القبطية في الكويت والمجتمع
تبادل التهاني في الأعياد :
تبادل التهاني في الأعياد بين كنيستنا ودوائر المجتمع في الكويت يتجاوز الشكل الروتيني والسطحي إلى عمق غني بالمحبة والتقدير المتبادل الذي يعزز من قيم التعايش السلمي ويعزز من سلام الإنسانية بمفهوم واسع وثري، فالكنيسة تحرص على تقديم التهاني في كافة الأعياد والمناسبات الدينية والوطنية من خلال العديد من صور الإتصال والتلاقي المباشر، ومن جهة أخرى تستقبل الكنيسة في أعيادها، بفرح بالغ وترحاب واسع، المهنئين من كل أطياف المجتمع الكويتي سواء من أبناء الكويت الكرام أو من المقيمين فيها من مختلف الجنسيات والطوائف والمذاهب، والمتابع لقداسات عيدي الميلاد والقيامة يلفت انتباهه هذا الحضور المتنوع والغني والكثيف من المهنئين في حضورهم لجانب من القداس الإلهي وتقديم التهاني لآباء الكنيسة، فضلاً عما تتلقاه الكنيسة في ليالي الأعياد الروحية من كميات وافرة من الزهور التي تحمل مشاعر مهنئة دافئة فتحول ممرات الكنيسة وردهاتها إلى حديقة وافرة تتصدرها باقات زهور من سمو أمير البلاد، وسمو ولي العهد، ومن معالي الشيخة فريحة والكثير من الشيوخ والشيخات ومن مختلف قيادات الدولة وكبار المسؤولين، فضلا عن عدد هائل من البرقيات ورسائل التهنئة من دوائر وفعاليات مجتمعية وكميات كبيرة من «بونبونيرات فاخرة» لقطع من الشيكولاته مصحوبة بعذوبة الكلمة وصدق المشاعر، واللافت في ذلك أيضاً أن الكنيسة تتلقى كثير من الرسائل والبرقيات المهنئة من شخصيات دبلوماسية انتقلت للعمل من الكويت إلى بلدان أخرى وكذلك من شخصيات وفعاليات وطنية صادف قداس العيد مع تواجدها خارج البلاد مما يعكس عمق الصلة ومتانتها. وتحرص الكنيسة آنذاك على توجيه الشكر إلى الجميع في مستهل عظة العيد.
وفي صباح اليوم التالي للعيد تواصل الكنيسة استقبال المهنئين الذين يفدون بأعداد كبيرة في أجواء مميزة للغاية تعكس وجها جميلا من وجوه التآخي والصداقة.
غبقة المحبة
من بداية محدودة مجتهدة إلى ملتقى يجمع كل الجنسيات والأطياف والمذاهب؛ تلك هي الغبقة التي تقيمها الكنيسة المصرية في الكويت منتصف شهر رمضان المبارك من كل عام، والغبقة عند أهل الخليج هي موروث اجتماعي وطني وتقليد رمضاني عريق.. ويمكن القول أنها عشاء رمضاني متأخر يسبق السحور وبمعنى آخر فإن «الغبقة» إسم لوليمة تجمع العائلات والأصدقاء قبل السحور.
وانسجاماً مع قيمة ومعنى الغبقة التي تقيمها الكنيسة في شهر رمضان المبارك بإحدى القاعات المتخصصة والتي تتسع لعدد هائل من الحضور فقد استقر على تسميتها بـ «غبقة المحبة» وهي التسمية التي أُشيعت بعدما أطلقها الكاتب والإعلامي الكويتي الأستاذ أحمد شمس الدين باعتبارها مناسبة فيها من دفء المشاعر أكثرها ومن المحبة أوفرها ومن دقة التنظيم أجمله، وأيضاً لكونها تجمع تحت سقف واحد كل الأطياف والمذاهب والجنسيات ويكون فيها تبادل الكلمات وتشابك الأيادي.
زيارة الدواوين
الديوانية هي موروث كويتي وخليجي أصيل، وهي بمثابة صالون كبير تشيده العائلات بشكل منعزل عن البيوت تجتمع فيه مجموعات من الناس يتداولون فيه مختلف شؤون الحياة من معيشية أو تجارية أو سياسية أو أدبية أو فكرية وفيما يخص الإنسان بشكل عام.، والديوانية تشكل عنصر بالغ الأهمية في التعبير عن الرأي العام وتشكيله وفيها يجلس الغني مع الفقير والوزير مع المواطن والشيوخ مع عامة الشعب، إذاً هي شكل حضاري وديمقراطي للمجتمع الكويتي.
ولأن الكنيسة تعتبر شهر رمضان المبارك فرصة للتعبير عن الحب لكل طوائف المجتمع فهي تحرص على زيارة عدد كبير من الدواوين في شهر رمضان المبارك وتقديم التهنئة بهذا الشهر الكريم.
مجلس العلاقات الإسلامية المسيحية
مجلس العلاقات الإسلامية والمسيحية الذي تشكل في عام 2009 هو أول تجمع من نوعه في دولة الكويت التي أعطت ومنذ تأسيسها الحرية الدينية للجميع وأول دولة استضافت كنيسة ارثوذكسية خارج مصر سنة 1961 وأول بلد يقيم علاقات دبلوماسية مع الفاتيكان منذ سنة 1968، ويضم المجلس :
• سماحة السيد محمد باقر المهري ( رحمه الله )
• المطران كاميللو باللين
• فضيلة الشيخ حسين الأزهري
• جناب القس عمانويل غريب
• الأرشمندريت أفرام الطعمي
• القمص بيجول الأنبا بيشوي
• الدكتور على عباس النقي
• السيد زهير المحميد
• السيد حمد طاهر بوحمد
• الدكتور طارق مفتي
• السيد عب الوهاب على النقى
• السيد رياض عبد الرزاق الكظمي
• السيدة غنيمة دشتي
هذا الجمع من علماء السنة والشيعة ومطارنة وقساوسة من الأقباط والأرثوذكس والكاثوليك المشاركين في المجلس يدل على توجهاته الجامعة، وتتمثل رسالة المجلس في ترشيد العلاقات على مختلف الأصعدة بين أصحاب الديانتين ضمن أطر استراتيجية عامة تجذر الموقعية المشتركة المنشودة لاتباع الديانتين، وتكامل الطاقات للتصدي للفتن من خلال برامج مشتركة تعزز ثقافة التسامح وترسخها في المجتمع كما تهدف إلى العمل بالمشتركات والانطلاق منها نحو التكامل وتعزيز الثقة والمواقف وتهذيب الاختلافات واستثمارها، من خلال تقدير أداء الغير وقدراتهم ضمن المصير المشترك وتعزيز الأدوار التبادلية إضافة إلى اعتماد مبدأ الحوار المباشر الهادئ والهادف لتعزيز العمل المشترك بين الديانتين والانفتاح على بعضهم البعض. وتؤكد الوثيقة التأسيسية للمجلس حفظ المسلمات لدى مختلف الأطراف.
يتبنى المجلس النظرية النسبية للحقيقة في جميع الأمور الواقعة نهجاً وعملاً في التحليل والدراسة والاستنتاج والاستشارة والعلاقة، إضافة إلى احترام الغير والالتزام بأدب الحوار وأخيراً التصدي للحملات الإعلامية المشوهة والإشاعات. وتتولى الكنيسة ممثلة في القمص بيجول الأنبا بيشوي مسؤولية الإعلام والعلاقات العامة بالمجلس.
رابطة الكنائس المسيحية في الكويت :
تشارك الكنيسة في عضوية رابطة الكنائس المسيحية في الكويت والتي تكون رئاستها بشكل دوري بين الكنائس، وقد تولت كنيستنا القبطية في الكويت ممثلة في القمص بيجول الأنبا بيشوي منصب رئاسة الرابطة لعدة أعوام.
التواصل مع السفارة والجالية المصرية :
وصف السفير المصري الأسبق لدى دولة الكويت عبدالرحيم شلبي، وصف القمص بيجول الأنبا بيشوي بأنه يصلح أن يكون وزير خارجية الكنيسة الأرثوذكسية ، تلك العبارة تختصر شكل العلاقة بين الكنيسة المصرية في الكويت وسفارة الدولة والتواصل الممتاز مع أعضاء السلك الدبلوماسي، والمتابع لذلك يمكنه أن يميز بوضوح ودون عناء وجاهة تلك العلاقة وقوتها، وهناك حضور ملتزم ومشرق لسفراء مصر وكافة أعضاء السلك الدبلوماسي في كافة مناسبات الكنيسة، ومن جانبها تشارك الكنيسة في المناسبات الوطنية والاجتماعية التي تشرف عليها السفارة وتنظمها.
أيضاً تتمتع الكنيسة بعلاقات متينة مع الجالية المصرية في الكويت ومجلسها الذي تشارك في عضويته، وكذك مع الروابط المهنية والنوعية المصرية المشكلة في دولة الكويت.
صورة الكنيسة في الإعلام :
تحتل كنيستنا القبطية مساحة مناسبة من الاهتمام الإعلامي الذي يسلط الضوء على رسالتها المتسامحة واسهاماتها في نطاق المسؤولية الاجتماعية، وترصد الصحف المحلية ووكالات الأنباء مساحات كبيرة من صفحاتها ومواقعها لتغطية أخبار الكنيسة وتهتم بالحصول على تصاريح صحافية في مناسبات عدة وإجراء اللقاءات الحوارية، كما وثق البعض مسيرتها في كتب وإصدارات لها حضورها وأهميتها، كما يتم إجراء لقاءات حوارية في تلفزيون الدولة وعدد من المحطات والقنوات التلفزيونية.
اباء خدموا بالكنيسة
ارشيف صور تاريخ الكنيسة