التعامل مع الهدف - لنيافة الانبا موسى
هناك - فى علم النفس - ثلاثة أساليب يستخدمها البشر للتحرك نحو الأهداف المرحلية، سعياً إلى الهدف النهائى، نود أن نطرحها، ثم نحدد الموقف المسيحى منها:
أولاً: الأسلوب المباشر :
وهذه يلجأ إليها الإنسان حينما يجد العقبات أمامه، بعضها مقبول مسيحياً، وبعضها الآخر غير مقبول.. ويسمى علم النفس هذه المسالك "الحيل الدفاعية Defence Mechanisms" فيها يدافع الإنسان عن وجوده، وتحقيقه لذاته، ولكن المهم أن يتخذ المسلك السليم مسيحياً، لأن غالبية هذه الحيل غير مقبولة من وجهة النظر المسيحية.. وهذه بعضها:
1- الكبت :
حينما يدفن الإنسان الدوافع غير المقبولة اجتماعياً، والذكريات المؤلمة أو المخجلة، فى اللاشعور... ويظن أنها انتهت، ولكنها تظهر بالقطع فى أحلامه أو تخيلاته، وحينما يزداد الكبت، تأتى ربما لحظة انفجار وانفلات وضياع، والمنهج المسيحى هنا يعلمنا أن لا نكبت هذه الأمور السلبية فى اللاشعور، بل نخرجها إلى الشعور، ونصلى، ونفكر، ونعترف، وهكذا نحصل على غفران ومعونة وإرشاد لمواجهة هذه الدوافع غير المقبولة أو الذكريات المؤلمة، واثقين فى قدرة الرب أن ينصرنا، ويسند ضعفنا، ويقدس دوافعنا، ويستثمر ذكرياتنا المؤلمة والمخجلة، لبنيان حاضرنا ومستقبلنا.
2- الإعلاء (Sublimation) :
ومعناه التسامى بالطاقة الجنسية مثلاً، فى اتجاه بناء كالتدين، والقراءة، والرياضة، والهوايات، والخدمة... الخ.
الإعلاء هو الارتقاء والسمو بالدوافع غير المقبولة، وتوجيهها إلى نشاط مقبول ومفيد... وهذا بالطبع مقبول وممكن مسيحياً.
3- التعويض :
بمعنى إذا فشل الإنسان فى مجال معين، يتحول إلى مجال آخر ينجح فيه، وهذا أمر مقبول طبعاً طالما أن هذه المجالات بناءة ومقدسة كالعمل والرياضة والفنون.. الخ.
4- التبرير :
ومعناه أن يبرر الإنسان فشله، بأعذار واهية للهروب من المسئولية، فيشوه الهدف الجيد الذى فشل فى تحقيقه، أو يرفع من قيمة هدف سيئ اتجه إليه، أو يلتمس اعذاراً غير حقيقية لفشله، والصحيح
هنا أن يعترف الإنسان بأنه فشل، فلا عيب فى ذلك، ويدرس السبب الحقيقى، ويتعامل معه سعياً إلى النجاح بنعمة الله.
5- الإخلال أو الإزاحة :
كأن يضغط رئيس العمل على موظف فيحول ضيقه إلى مشاجرة مع زوجته.. وهذا غير مقبول مسيحياً وإنسانياً.. والأصح أن يتعامل مع المشكلة بطريقة سليمة، مرضياً رئيسه ومصححاً أخطاءه، أو مطالباً بحقوقه بطريقة حكيمة إذا ما ظلم.
6- الإسقاط :
ومعناه أن يتحدث الإنسان عن أخطاء الآخرين، ليبعد الأنظار عن أخطائه هو.. وهذا ما نسميه مسيحياً الإدانة.. وكان الأفضل أن يفتش الإنسان عن أخطائه ليعالجها، وأن يبحث عن فضائل الآخرين ليتعلم منها.
7- التقمص :
إذ يتقمص الإنسان شخصية إنسان آخر يراه ناجحاً ومتميزاً، لكى ينال شيئاً من هذا النجاح، فيستعير من صفاته وسلوكياته وحركاته، وربما فى الشكل وليس فى الجوهر، وهذا غير سليم طبعاً، فلكل إنسان جوهره الخاص، ووزناته وملامحه، والأفضل أن يتعامل مع الله فى إيمان، ليحقق الرب قصده من خلقه، ويجعل منه أيقونة خاصة.
8- التكوين الضدى :
وفيه يبالغ الإنسان فى مظاهر المحبة مع شخص ما، لكى يخفى عدم محبته له.. وهذا غير مسيحى.. إذ يمكنه - بعمل الله فى حياته أن يحب محبة حقيقية حتى من يعارضونه أو يعادونه... ولا يكون هكذا مرائياً.. وممكن طبعاً أن يستخدم أسلوب العتاب والمصارحة للوصول إلى السلام والمصالحة.
9- العناد :
وهو حيلة الطرف الضعيف أمام الطرف المتسلط والمسيطر، إثباتاً لذاته، ويمكن أن ينبع العناد من كبرياء الإنسان واعتداده بنفسه وفكره.. وكلاهما موقف خاطئ، فالرب قادر أن يهب الطرف الضعيف قوة ومعونة من أجل العتاب والتفاهم.. وأن يكسر كبرياء العنيد إذا ما تصلف وملأه الغرور، لكى يدفعه إلى التوبة.
10- أحلام اليقظة :
وفيها يحاول أن يحقق الإنسان فى عالم الخيال، ما يفشل فى تحقيقه فى عالم الواقع.. وهى أما يتجه إلى تحقيق بطولات خيالية، أو عدوان وهمى على أعدائه، أو اجترار الإحساس بالاضطهاد... وكلها خطأ... فالحياة على أرض الواقع أفضل... والتعامل مع المشكلات بأسلوب مباشر ممكن وأنسب... ويصل بنا إلى الأهداف الواقعية المنشودة.
11- الانسحاب :
كأن يبتعد الإنسان عن المواقف التى تؤدى إلى نقده أو عقابه، فينعزل فى حجرته لساعات طويلة... والأفضل أن يهدئ نفسه قليلاً بالراحة والاعتزال والصلاة، ثم يخرج لمواجهة الموقف ودراسته.